مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية: أمل يتجدد

قبل أكثر من شهر سعدت بزيارة لمقر مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية في شمال غرب جدة. والمركز مشيَّد على مساحة كبيرة من الأرض، وله مبانٍ أنيقة منبسطة ذات طابق أرضي واحد متعددة الوظائف والمهام.
وفي الشرح الذي استمعنا له من العميد سعيد آل عقران وزملائه الكرام بيانٌ وافٍ لدور المركز وأهميته والثقل الذي يمثله في إعادة تأهيل نسبة كبيرة ممن ضلت بهم السُّبل، فما عادوا يفرقون بين مسلم وكافر، إلاّ مسلماً منحرفاً على شاكلتهم وخارجياً على طريقتهم.
والمركز بلا ريب يمثل نقلة نوعية في عالم التصدي لهذا النوع من الجرائم التي انقرضت في عقود سابقة، ثم عاودت الظهور فجأة مع ظهور منظمة القاعدة، وتلتها أو ترافقها اليوم داعش الدموية المنحرفة المشبوهة بكل المقاييس.
وتنبني إستراتيجية العمل في المركز على ثلاثة أنواع من العمليات أو المعالجات الفكرية للفئات المستحقة لخدمات المركز المهمة والحساسة جداً، فهي فئات أغلقت نوافذ التفكير، وأشرعت واسعاً أبواب التكفير. وعمليات المناصحة (المرحلة الأولى والأصعب) تهدف إلى غلق الأبواب تدريجياً، وفتح النوافذ كذلك تدريجياً. هي مهمة ليست سهلة، وتُستخدم فيها آليات ووسائط وبرامج متعددة لا تقتصر على الوعظ كما يظن البعض، وإنما تتعداه إلى تطبيق نظريات ومفاهيم حديثة جداً، وبرعاية وإشراف متخصصين في الطب النفسي والاختبارات النفسية القياسية، بما في ذلك العلاج بالفن التشكيلي، إذ يُشجَّع (المستفيد) على رسم لوحات فنية تعكس غالباً ما يجول في ذهنه ونفسه، مما يسهم في اكتشاف وتحليل شخصيته.
وإذا ما نجحت عمليات المناصحة انتقل المستفيد إلى طور التأهيل لمساعدته تدريجياً على الاندماج في المجتمع حال خروجه النهائي. وفي هذه المرحلة يتم (تدليل) المستفيد، بدءاً بسكن ممتاز يضم مرافق عالية الجودة، بما فيها الرياضية ومسبح كبير، ومطعم جيد، ومقار للخلوة الشرعية، وبرامج منظمة للخروج المؤقت لمشاركة أسرته المناسبات والأعياد مدعومة بنفقة مالية طيبة، بل ومجزية.
هذه مجرد خطرات. بقي لي اقتراح ترجمة قصص النجاح (وما أكثرها) إلى أعمال مسرحية عامة، تكون نواة لمسرح سعودي ثقافي اجتماعي ترفيهي على مستوى الوطن.
إنها قصة نجاح مشهود، فشكراً لصاحب الفكرة ولكل الجهود.