Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تجريم المواطن في الثامنة

استضافة كبار الشخصيات أو الشخصيات ذات العلاقة بأحوال المواطن لها جاذبية نيوتن، لأن المعرفة هاجس مؤرق، وهذا الحق - حق المعرفة - يملكه المسؤول ذو العلاقة ، لذلك يمثل ظهوره الإعلامي حقلاً مغناطيسياً قويا

A A
استضافة كبار الشخصيات أو الشخصيات ذات العلاقة بأحوال المواطن لها جاذبية نيوتن، لأن المعرفة هاجس مؤرق، وهذا الحق - حق المعرفة - يملكه المسؤول ذو العلاقة ، لذلك يمثل ظهوره الإعلامي حقلاً مغناطيسياً قوياً لأصحاب العلاقة المباشرة، هذا ينطبق على حلقة الثامنة حيث استضافت وزير المالية، صاحب العلاقة المباشرة بالاقتصاد الوطني، ووزير الخدمة المدنية صاحب العلاقة المباشرة بالرواتب والبدلات والتقاعد وكلها مواضيع حساسة بالنسبة لموظفي الدولة، ونائب وزير التخطيط والاقتصاد ،وزارة هندسة الوطن بأكمله.
كان يمكن أن يجد المشاهد إجابات لكل ما يهمه ويشغل تفكيره بعد القرارات الأخيرة، التي تقبلها بصدر رحب لأنها نتيجة ظروف مؤقتة يمر بها الوطن وقد أثبت المواطن السعودي أنه خلف قيادته قلباً وقالباً، الشعب السعودي صلب ومتماسك ولديه روح إيمانية عالية وانتماء وطني قوي لذلك كان ينتظر من المسؤولين في حلقة الثامنة إجابات توقف طابور الأسئلة « كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟» ليطمئن قلبه ويرتاح باله، كان على المسؤولين توضيح القرارات التي مست معيشة المواطن ونمط حياته لكنه أصيب بصدمة شديدة بعد الترقب والانتظار اكتشف أنه -أي المواطن - هو السبب، هو الجاني على نفسه، لا علاقة للمسؤول أو المسؤولين، لا من مضى ولا من أتي بالهدر المالي، والمشروعات المتعثرة، والأزمة الاقتصادية برمتها، بل المواطن هو المجرم الأول والأخير المتسبب في إرباك حياة وطن بأكمله.!!
يبلغ عدد المواطنين الموظفين والموظفات « 3 « ملايين تقريبا، أي التابعين للخدمة المدنية، هم مستنزفو خيرات الوطن، وإنتاجيتهم لا تساوي قيمة المكتب الذي يجلسون عليه، بل حتى قيمة الشاهي الذي يحتسونه وقت الدوام، ساعة فقط هي كل طاقة أو إنتاجية الموظف !
اعترضت أختي وهي موظفة حكومية وتتبع الخدمة المدنية ومجمَّدة مرتبتها منذ أربع سنوات، وحاصلة على شهادة تميز من الجهة الحكومية التي تعمل بها وتظن أنها تعمل طول الدوام « كالحمار « -هكذا قالت لي- ، لكن أسمع كلامها أم كلام الوزير الذي يعرف أكثر مما يعرف المواطن، وأكثر مما تعرف أختي عن إنتاجيتها ؟!، نظرت إليها « فوق تحت « حزنت، لكني لم أتعاطف معها لأنها مسؤولة عن الهدر المالي، عن المشروعات المتعثرة، عن ازدواجية صرف البدلات، وعن المخالفات الخاصة بالبدلات، هذا كلام وزير الخدمة المدنية « خالد العرج « ،لو أن معاليه يعلم أن أختي تعمل طوال ساعات النهار وغيرها كثيرون يعملون بلا ملل أو كلل بإخلاص وتفانٍ لكانت معلوماته نسبية كأن يقول نسبة 10% مثلاً متميزون ونسبة 30 % مثلا منتجون ونسبة 40 % متوسطو الإنتاج و20% لا ينتجون، لكنه قالها بصريح العبارة وعلى الملأ « إنتاجية الموظف ساعة واحدة « ألا يعلم وزير مؤسسة كبرى لها علاقة مباشرة بأرزاق وحياة المواطن أن التعميم خطأ وخطير؟!
عندما يستند المسؤول على دراسة قديمة مشكوكٍ في مصداقيتها فأنت ستدرك فوراً أن المشكلة تكمن في مكان آخر بعيداً عن المواطن، لكن لأن في كل قضية لابد من متهم لذلك يظل المواطن هو المتهم الأول في كل إخفاق إداري يؤدي إلى إخفاق مالي حكومي.!
حلقة الثامنة لم تنجح في الإجابة على أسئلة المواطنين، وتهدئة نفوسهم وطمأنة قلوبهم بانفراجة قريبة، ولكنها ألقت بالمزيد من الحطب على النار لتشتعل قلوبهم قلقاً وعقولهم تفكيراً في مصير ينحدر بهم ومستقبل ذي ملامح سوداء، لذلك يمكن أن يستفاد من هذه الحلقة من زاوية واحدة وهي (تعلَّم كيف تلقي بكل أخطائك على الآخرين).!
المعلومات والرسوم البيانية والتنبؤات التشاؤمية شوَّشت عقل المشاهد وأحبطت المواطن الذي يهمه الوطن، أمنه، سلامته، وسلامة اقتصاده ،الوطن بالنسبة للمواطن السعودي أهم من حياته، يصبر ويرضى لكن أن يتحول إلى مجرم في حق الوطن الذي لا يتورع عن تقديم روحه فداء له عن طيب خاطر ، هي هذه الصفعة المؤلمة التي وجَّهها له المسؤول وعلى الملأ حتى أن الصحف الغربية وجدت في المواطن السعودي الكسول مادة صحفية وإعلامية ثرية كما نشرت صحيفة التايمز البريطانية ( السعوديون الكسالى في طريقهم للإفلاس) .!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store