Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لكي لا تُنسى شهورنا الإسلامية

قبل بضع سنين كتبت مقالة في هذه الصحيفة الغراء عن برنامج مسابقات بثته قناة فضائية خليجية، قد تكون إماراتية أو قطرية، وطُرح سؤال على متسابق شاب لعله كان طالباً جامعياً وكان السؤال عن الشهور الهجرية إذ ط

A A
قبل بضع سنين كتبت مقالة في هذه الصحيفة الغراء عن برنامج مسابقات بثته قناة فضائية خليجية، قد تكون إماراتية أو قطرية، وطُرح سؤال على متسابق شاب لعله كان طالباً جامعياً وكان السؤال عن الشهور الهجرية إذ طُلبَ منه أن يعدد الشهور الأربعة التي تأتي بعد المحرم، وكانت المفاجأة الكبيرة أنه لم يستطع ذكر شهر واحد منها، فداعبه مقدم البرنامج بقوله: «لو طلبت منك سرد ستة أشهر بعد يناير فلن يعجزك ذلك».
قد علقتُ على هذه الواقعة المؤلمة وقتها بأن شباب الأمة قد انسلخوا عن كل ما يربطهم بتاريخهم الإسلامي وثقافتهم الإسلامية، وأهمّ ما يربطهم بهذا التاريخ وهذه الثقافة، تقويمهم الهجري الذي يرتبط به تاريخ الإسلام بطولِه وعرضِه،فسيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم وغزواته والفتوحات الإسلامية منذ فجر الإسلام، وعصور الراشدين والأمويين والعباسيين وما تلاها من عصور الإسلام، كلها مدونة ومرتبطة بالتاريخ الهجري فقط، ولو حاولنا حساب الميلادي في بعضها فقد نخطىء رغم وجود الحواسيب المتقدمة جداً في هذا الزمان، وينصرف ذلك إلى بعض أحداثنا العربية الإسلامية المهمة جداً في هذا الزمان مثل حرب رمضان المجيدة التي حدثت في العاشر من رمضان، ومازلنا نتحدث عنها في بلاد الحرمين على أنها وقعت في هذا التاريخ، بينما تؤقت لها دول أخرى كمصر بـ 6 أكتوبر، وذلك شأنهم. أقول وبالله التوفيق: إن هذه الشهور الهجرية الإسلامية المباركة قد نُسيت في دول قريبة جداً منا كدول الخليج لأنه لم يعد لها أي ارتباط بحياة الناس، فشهادات ميلادهم بالميلادي فقط، ورواتبهم بالميلادي ومناسباتهم الوطنية بالميلادي إلى آخر القائمة، ولا تربطهم بالتقويم الهجري إلاّ شهور بعينها مثل رمضان وذي الحجة فقط لارتباطها بشؤون تعبدية أو شعائر أو أعياد. وينطبق ذلك على إجازات الدولة ومواعيد بدء الدراسة في الجامعات والمدارس وهكذا. وقد وضحت وقتها أن بلادنا المسلمة: المملكة العربية السعودية كانت ومازالت وستبقى قلعة الإسلام الحصينة الوحيدة لأنها تحكم بشرع الله، وتحتضن الحرمين الشريفين، وإمام المسلمين فيها خادم للحرمين الشريفين، فحتى لو أن كل الدول الإسلامية تخلَّت عن التقويم الهجري، فلن تتخلّى عنه المملكة في كل شؤون حياتها، كيف لا والمادة الثانية من النظام الأساسي للحكم في المملكة تؤكد على التزامها بالتاريخ الهجري. وينطبق ذلك على كل مصالح الدولة وأنظمتها ومعاملاتها وقد سارت على ذلك المملكة منذ تأسيسها دون أي إخلال ولله الحمد حتى يوم الناس هذا،وإلى عهد ليس بالبعيد كانت ميزانية المملكة تصدر بالهجري في 1/7 كما يذكر أبناء جيلي من مواليد 1/7، الذي يداعبنا به الناس ويقولون: إن نصف سكان المملكة مولودون في هذا اليوم وقد فشلت دعوات كثيرة في الماضيين القريب والبعيد لتحويل نظام صرف الرواتب من الهجري الى الميلادي أو نظام الأبراج، وعاد الموضوع نفسه ليثار من جديد رغم مخالفته الصريحة للمادة الثانية من نظام الحكم. وبالمقابل، دعوتُ كما دعا غيري من الغيورين على تقويمنا الهجري الإسلامي المجيد أن يُلزم القطاع الخاص بالعودة إلى التقويم الهجري في صرف الرواتب، وليس العكس الذي هو صرف رواتب موظفي الدولة بالميلادي. والله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن، ولا يغيب عن البال أن كثيراً من مؤسسات القطاع الخاص تعتبر مؤسسات شبه حكومية مثل أرامكو والخطوط السعودية وغيرهما، والكل يخضع لكل مواد نظام الحكم. وبالتالي فإن التوجه إلى صرف الرواتب بالأبراج أو الميلادي مسألة تستدعي إعادة النظر وتعارض أنظمة المملكة المرعية منذ تأسيسها، ناهيك عما تسببه من أضرار جسيمة بفصل أجيالنا الحالية والقادمة عن تاريخها الإٍسلامي،فتنسى التقويم الهجري كما حصل في دول الخليج. لذلك أدعو من هذا المنبر الصحفي الوطني إلى إعادة النظر في هذا التوجه جملة وتفصيلاً.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store