Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تبريرات هوجاء تعالج الأخطاء بالأخطاء

خَلْخَلة الأفكَار وتَفكيك طَرَائِق الفِكر؛ مِن خَصَائص وصِفَات العُقلَاء، الذين يُفكِّرون في الأمثَال وصِدقهَا، والمَقولَات وصَوَابها، والقَوَاعِد ودِقَّتهَا..

A A
خَلْخَلة الأفكَار وتَفكيك طَرَائِق الفِكر؛ مِن خَصَائص وصِفَات العُقلَاء، الذين يُفكِّرون في الأمثَال وصِدقهَا، والمَقولَات وصَوَابها، والقَوَاعِد ودِقَّتهَا.. مِن هُنَا دَعونَا نُعالِج طَريقة مِن طَرائق أفكَارنَا السَّقيمَة، وهي تَبرير الخَطَأ بالخَطَأ، وحَتَّى نُبسِّط الأمُور، سنَضرب الأمثَال ببَعضهَا، ليَتَّضح مَا في الصّدور..!
الحَالة الأُولَى: يُصوِّر أَحدُهم خَطأً يَقع في مَكانٍ مَا، بَعدها لَا نُعالج الخَطَأ، وإنَّمَا نُعَاقِب مَن صَوَّره..!
مِثالٌ آخَر: تَذهب إلَى مَكتب الخطُوط السُّعوديّة؛ فتَجد زِحَاماً شَديداً، وإذَا ذَهبتَ إلَى المُديرين تَشتَكي قَالوا لَك: (يَا أَخي الأَمر عَادِي، حَتَّى في الخطُوط الإمَارَاتيّة يُعَاني النَّاس مِن الزِّحَام)..!
مِثالٌ ثَالث: إذَا اشتَكيتَ مِن تَصرُّفَات بَعض اللَّاعبين؛ حِين يُعيدون الكُرَة إلَى الحَارس، يَردُّ عَليك المُعَارضون قَائلين: (يَا أَخي الأَمْر عَادي، حَتَّى لَاعِبي بَرشلونَة وريَال مَدريد يُعيدون الكُرَة إلَى الحَارِس)..!
مِثالٌ رَابع: تَرَى رَجُلاً فِي أَوَاخِر الخَمسين يُدخِّن بشَراهة، وحِين تَقول لَه: أَرجوك تَوقَّف عَن التَّدخين؛ لأنَّه لَم يَتبقَّ مِن عُمرك مِثل الذي مَضَى، سيَقَول لَك: (لَا تَقلق عَلى صِحَّتي، واعْلَم أَنَّ جَارنا «أبوسليمان» يُدخِّن أكثَر مِنِّي، وقَد بَلَغ السَّبعين ومَازَالت صِحَّته أفضَل مِنِّي ومِنك)..!
أَعتَقد أَنَّ الصّورة أصبَحت وَاضِحَة؛ بَعد هَذه الأمثِلَة اليَسيرَة والمُبسَّطَة، وأَعني بِهَا تَبرير الخَطَأ بالخَطَأ، وهَذه الفِكرة انتَبَه إليهَا المُفكِّر الكَبير «مالك بن نبي»، فِي أَواخِر السِّتينيّات، فكَتَب عَنهَا فَصْلاً بعنوَان: «كَسْر القَاعِدَة بالمِثَال الشَّاذ»، وهو يَعني إلغَاء قَاعدة أَنَّ التَّدخين مُضرّ، وكَسْرهَا مِن خلال مِثَال شَاذ يَتمثل بالرَّجُل السَّبعيني الذي يدخّن، ولَم تَظهر عَليه الأمرَاض، رَغم فِعله هَذا، وبالتَّأكيد هو مثَال شَاذ، لأنَّ الذي كَسر القَاعِدَة تَذكَّر هَذا المِثَال، ونَسي مَلايين النَّاس الذين يَموتون سَنويًّا، بسَبَب آفة التَّدخين، ويُمكن أَنْ تُطبِّق هَذه القَاعِدَة عَلَى كُلِّ الأمثِلَة السَّابِقَة..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نَقول: إن تَشريع الخطَأ وتَبريره بأمثِلَة شَاذَّة يُعيق بِنَاء الأُمَم، ويُفْشِل مُبادرَات النَّجَاح، لأنَّ العُقلَاء إذَا أَرشدتهم إلَى خطأ بادروا بإصلاحه، ولَم يُحاولوا تَبريره بذِكر جَوانِب التَّقصير عِند الآخَرين..!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store