Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أدرِكوا أبناءنا على مواقع التواصل !!

غدت مواقع التواصل الاجتماعي المنفذ الأول لبعض المراهقين لملء الفراغ في حياتهم، فالبعض منهم يحاول إبراز صورة مثالية لحياته ويظهرها للملأ كما يتمناها لا كما هي عليه بالأصل، والبعض الآخر يُفصح عما في مك

A A
غدت مواقع التواصل الاجتماعي المنفذ الأول لبعض المراهقين لملء الفراغ في حياتهم، فالبعض منهم يحاول إبراز صورة مثالية لحياته ويظهرها للملأ كما يتمناها لا كما هي عليه بالأصل، والبعض الآخر يُفصح عما في مكنونه أمام شاشات الأجهزة دون وضع أي تحسب لعواقب هذه الأمور. ويعود السبب الرئيسي لإدمان الشباب لهذا النوع من المواقع لما تقدّمه لهم من شعور بالراحة النفسية والسعادة والسكينة عندما يبوحون عما بداخلهم ! فوسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في زيادة حالات الوحدة والرغبة بالانفراد بالذات لدى المراهقين، وذلك يتسبب بخلل بالنسيج الاجتماعي للأسرة. بالإضافة إلى أن الإفراط في استخدام هذه الوسائل من المسببات الأساسية لحالات الاكتئاب . كما أظهرت أيضاً الدراسات بأن من أبرز سلبيات استخدام تلك الوسائل التأثير سلباً على مهارات أبنائنا اللغوية والخطابية بشكل كبير بالإضافة إلى إضعاف أسس الحوار ومبادئه لديهم وطرق التحدث بلباقة .
وهنالك ما هو أخطر من ذلك ألا وهو طرق استخدام أبنائنا لهذه المواقع. فما هو المحتوى المطروح من خلال هذه المنابر؟ وما هو مدى فاعليته في المجتمع وتأثير المتحدث على أبناء جيله؟ ما هي الضوابط وهل جميع ما يُناقش ويُعرض مسموح به ؟ وهل يُدرك المتحدث ما قد يتسبب به لنفسه قبل غيره من عواقب هو بغنى عنها؟ وأين أولياء الأمور من أبنائهم ؟
كلنا يعلم جيداً عن مقاطع الفيديو المخجلة المعروضة على هذه المواقع، والتي يتم تحميلها من قِبَل المراهقين خاصةً. كما أن هناك العديد من المواضيع الساخرة والهزلية والتي من الممكن أن تصل الجرأة بطارحيها لحد الاستهزاء بالغير والمس بسمعتهم وكرامتهم، بالإضافة لقيام البعض بالتطاول على الغير عند قيامه بالتعليق على أي من المواضيع المناقَشة والتي من المفترض أن الهدف منها فتح باب حواري والحث على الاستماع للآراء المختلفة وتقبلها. فهل نعتبر هذا نوعاً من التقليد الأعمى الذي يمتهنه المراهقون من خلال ممارستهم لبعض السلوكيات الخارجة عن مجتمعنا وأخلاقنا الإسلامية التي تربينا ونشأنا عليها ؟ إلى أين سيصل بنا الأمر ونحن نرى ونسمع يومياً عن هذه الحالات والتي هي بتزايد مستمر بسبب الغزو الفكري الممنهج المطروح عبر هذه الوسائل وتسميمها لعقول أبنائنا لوجود المحتوى الرديء بها وعدم تشديد الرقابة عليها والتي تعلّمهم التمرّد والانحلال الأخلاقي وتحفزهم على الخروج عن عادات المجتمع وأعرافه!؟ والسؤال الأهم الذي يكمن هنا هو ماهية العقوبة والجزاء المطبّق على هذه الفئة من سيئي استخدام مواقع التواصل الاجتماعي؟
أتمنى أن يكون هناك عقاب غير السجون ودور الملاحظة الاجتماعية لسبب بسيط ، فاليوم يدخل هذا الشاب بعقوبة المجاهرة بالمعصية وقد يكون غير مدرك تماماً لشنيع فعلته؛ بل قام بها لمجرّد حُبه للتظاهر بأمر ما أمام الناس يُكسبه الشهرة ولفت الأنظار. كما أن هذا الشخص من الممكن أن يكون قد قام بهذا الفعل لكونه لا يشغل وقته سوى الفراغ ، فيرغب بالإثبات لكل من حوله بأنّه شخص فعّال وذو قدرة على التأثير بمن حوله. لست هنا للتبرير لهؤلاء ولا لاختلاق الأعذار لهم ، بل جلّ ما أرغب بإيصاله أنّ هذه التجاوزات أصبحت ظاهرة اجتماعية تغزو شبابنا وتدمر مستقبلهم بسبب أخطاء يقومون بها تعود أسبابها للفراغ وعدم وجود متابعة وتوجيه أسري عليهم. فالأفضل في هذه الحالة تأهيل هذه الفئة واستثمار الطاقات الموجودة لديهم وتوجيهها بالمسار الصحيح بدلاً من الاكتفاء بمعاقبتها دون الوقوف على الخلل وتصحيحه .
نتمنى أن يتوفر ما يُشبه المدارس الداخلية والتي تتم إدارتها والإشراف عليها من قِبَل أفضل الاختصاصيين في المملكة، كالمعلمين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين المؤهلين ، بحيث يخرج لمجتمعنا شخص واعٍ فكرياً ومختلف تماماً عما كان عليه في السابق.
ليس من الصعب إعادة تأهيل هؤلاء الشباب بطريقة متقدّمة تتناسب مع عصرنا الحالي بدون ترك أثر لإشعارهم بدونية أمام أقرانهم بسبب أفعال مازالوا قُصّر وفي مرحلة الإدراك الناقص لفهم مدى سوءتها!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store