قضايا التحرش: ماذا ننتظر؟!

التحقيق الذي نشرته الحياة (14 أكتوبر) عن كوارث الاعتداء الجنسي على الأطفال وعدم وجود آليات واضحة ولا برامج توعية ناجحة للمساهمة في حمايتهم هو تحقيق يفيض ألمًا وحرجًا وقلقًا.
وفي التحقيق اتهام صريح بالتقصير موجَّه من الدكتورة سارة العبدالكريم (من جامعة الملك سعود المتخصصة في هذه القضايا) إلى الجهات التعليمية والمؤسسات الحقوقية في المملكة. وأضافت بأن دور معظم الجهات المعنية يقتصر فقط على العلاج دون الوقاية إذ تغيب البرامج التوعوية الوقائية، لذا (نحن في حاجة إلى برامج وأنشطة لحماية الطفل وتوعية أسرته).
ولعل من أسباب عدم تراجع قضايا التحرش هو سيادة ثقافة (العيب) من الإبلاغ عن حالات الاعتداء الجنسي التي يتعرض لها الطفل والاكتفاء بمحاولة (لملمة) القضية، خاصة إذا كان الجاني أحد أفراد الأسرة، ولو من بعيد.
ومن المفزع أن هناك حالات اعتداء فاضح تتطلب (التدخل الجراحي) لمعالجة آثار الانتهاك! والأشد فزعًا ترك الطفل وحيدًا يواجه أزمات نفسية خانقة تؤدي إلى تدميره نفسيًا وفقدان الثقة بقدرته على مواصلة حياته بصورة طبيعية من شدة الأذى الذي تعرَّض أو لا يزال يتعرَّض له في حال صمته وعدم إبلاغه عن الجريمة المرتكبة في حقه، خوفًا من عواقب عكسية تضاعف من آلامه، كأن يُتهم بالكذب أو التوهُّم، أو ربما الخوف من الجاني لسببٍ أو لآخر. وكل ذلك بالطبع ينمو في بيئة تفتقد للحب والحنان والعطف والشفافية.
ومن المؤلم أيضًا اعتراف المختصين والمختصات بأن الإحصائيات الرسمية غير دقيقة ولا تعكس كثيرًا من الحالات التي تمر بصمت مطبق أو تجاهل تام حتى من بعض المؤسسات التعليمية التي قد تعلم فتصمت، حماية لها ولأسرة الطفل، وهو حتمًا سلوك خاطئ لا يعالج المشكلة، بل يضع فوقها رمادًا والنار تحتها تشتعل.
إذًا من المهم جدًا الاهتمام بعلاج كل حالة خاصة من الناحية النفسية والمعنوية، وأول العلاج وقف الانتهاك. أما الخطوة التالية، فتتضمَّن رفع القضية إلى القضاء الشرعي كي ينال المعتدي عقابه الرادع الزاجر.
هؤلاء فلذات أكبادنا، وليس من الحكمة التراخي في مواجهة مَن يُسيئون لصغارنا!