Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حواراتنا ومنظومة الوعي المجتمعي

يُعتبر الحوار مع الشخص الآخر وسماع وجهات النظر المختلفة والتمسك بالمبادئ والقيم الاجتماعية والإسلامية واحترام القرار الصادر من صاحب القرار من أهم السُبل الأساسية المساهمة في تقدّم ونهوض أي مجتمع، فإذا

A A
يُعتبر الحوار مع الشخص الآخر وسماع وجهات النظر المختلفة والتمسك بالمبادئ والقيم الاجتماعية والإسلامية واحترام القرار الصادر من صاحب القرار من أهم السُبل الأساسية المساهمة في تقدّم ونهوض أي مجتمع، فإذا بدأت هذا الأساسيات تضعف؛ وجب تداركها كي لا تكون المهاترات التي تنتج عن عدم الرضا عما يتم سماعه عند النقاش مع أي شخص يملك وجهات نظر مختلفة، سبباً في ضعف اللحمة الاجتماعية والتأخر الثقافي. أزعجني جداً ردة فعل المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه أحد البرامج التي قامت باستضافة بعض المسؤولين وانتقادهم لما تم طرحه من موضوعات ! فلا نناقش هنا أحقيتهم بالانتقاد أم لا؛ بل اعتراضي على الأسلوب المتّبع. فيجب علينا قبل محوَرة وجهات نظرنا أن ننظر في الموضوع بدقة وموضوعية وتحليله وعدم تعطيل التفكير والتأمل وهو ما يسمى في نهاية الأمر بـ «المنطق». فالمنطق يحتّم علينا أن نعرف ونبحث في أصل الموضوع أو القضية قبل الحكم عليها.
للأسف نجد اليوم الكثيرين ممن يعترضون وهم لا يملكون علماً كافياً عن الأمر المنتقد وخفاياه! كما من الممكن ألا يقع الأمر المنتقد من ضمن تخصص الشخص العلمي أو الثقافي أو المهني، ويقوم بطرحه وانتقاده على مواقع التواصل الاجتماعي وإبداء الرأي فيه . نحن اليوم بحاجة إلى التآزر الداخلي لكي نواجه الاستهداف الخارجي الممارس ضد بلادنا، وهذا ما جعل كل مواطن جندياً مدافعاً عن الوطن وقد أشرت في أحد المقالات السابقة إلى أنّ المواطنة أكبر من أن يُشكك بها أحد. فلذلك، يجب أن يكون الولاء بالعمل وليس القول، بالأحرى نحن اليوم بغنى عن المديح والمجاملات أو توجيه الانتقادات وبث شيء من روح التحريض دون طرح الحلول أو وجهات النظر أو الأسباب الكامنة خلف عدم تقبل هذا الموضوع.
إنّ السبل الأربعة الأساسية المشار إليها آنفاً تساهم في الحفاظ على المجتمع متماسكاً وذلك نظراً لكون ضعف أحدها يؤثر سلباً على الفكر المجتمعي . فالحوار مع الطرف الآخر إجراء مهم لمعرفة رؤيته وفكره بالموضوع لكي يكون الانتقاد الموجّه على مستوى عالٍ من الوعي ويُساهم في وضع حلول منطقية تخدم المجتمع. أما عن سماع وجهة نظر الرأي الآخر بعقلانية وتمعن، فهذا يجعل السامع يعيد النظر برأيه أو يُساعده بتصحيح مسار فكره أو التمسّك بما هو مؤمن به مع محاولته لتوضيح سبب إيمانه به. وفي نهاية الأمر، نؤسس لمجتمع ذي قدرة عالية على احتواء آراء الجميع وتكييف الوضع كما يتناسب مع الأغلبية ومحاولة إيجاد الحلول الجذرية للمشاكل المطروحة . أمّا بالنسبة للمبادئ والقيم الاجتماعية والإسلامية، فلا يمكن للمجتمع أن يتخلى عن مبادئه التي يُربّى ويُنشئ عليها أبناءه، ولكن من المهم ألا يُسمح لطرف خارجي بالتشكيك أو زعزعة الثقة بين أبناء الشعب الواحد بما يؤثر على تضامنهم، فيجب الحذر كل الحذر من الإعلام الذي يعمل على نشر ما قد يؤدي إلى توليد الفتنة بين فئات المجتمع أو غيرها من الأغراض الدنيئة . وآخر هذه السُبل الأساسية المساهمة في تقدّم ونهوض الدول هو احترام القرار الصادر من صاحب القرار والذي له الشأن الأكبر من بين الأربع سبل لأنه يُعبّر عن احترام الانسان للآخرين بالإضافة إلى احترام الإنسان لنفسه ، فكل من يملك القرار وجب على المتلقي احترامه حتى وإن لم يكن راضياً عنه؛ وبعد ذلك يأتي دور الحوار ومن ثم سماع الرأي الآخر لكي تكتمل منظومة الوعي المجتمعي بالطريقة التي تصل بنا إلى مصاف الدول المتقدمة فكرياً وثقافياً مع تمسكنا بمبادئنا.
أخيراً، أتمنى من كل شخص يمتلك رأياً أن يحرص كل الحرص على أن يكون هذا الرأي حراً ومستنبطاً من صورة كاملة وواضحة أمامه وليس بتأثير من غيره. كما أرجو من جميع أبناء مجتمعنا أن يكونوا على المقدار المعهود من الوعي التام وإدراك ما تسببه كلمة واحدة يتفوه بها صاحبها من أثار مستقبلية قد لا تُحمد عقباها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store