Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الخضير: ما يحصل من الانحراف في الفكر والسلوك منشؤه الغلو والتطرف

No Image

أكد عضو هيئة تدريس في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود والمستشار في وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور محمد بن عبدالعزيز الخضير أن الغلو مذموم؛ قد حذر منه القرآن الكريم وا

A A

أكد عضو هيئة تدريس في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود والمستشار في وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور محمد بن عبدالعزيز الخضير أن الغلو مذموم؛ قد حذر منه القرآن الكريم والسنة النبوية ؛ فهناك آيات عديدة في القرآن وأحاديث كثيرة في السنة تنهى عن الغلو وتحذر منه وتذمه ، وهو بعيد عن الإسلام كل البعد، وليس منه في شيء؛ فالإسلام ليس دين غلو ولا تطرف، كما أنه ليس دين جفاء . فيجب الحذر من الغلو واجتنابه وذلك باتباع المنهج الحق والتزامه؛ والشخص لا يستطيع تقييم نفسه: هل هو غال، أو معتدل؟ ما لم يكن عنده معيار صحيح يرجع إليه، وميزان عادل يحتكم إليه؛ وذلك بأن يعرض منهجه وطريقته وفكره وطرحه على الكتاب والسنة؛ فإن كان منهجه وفكره موافقا للكتاب والسنة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة خلفائه الراشدين وما عليه السلف الصالح وعلماء الأمة الربانيون فهو معتدل وسائر على المنهج الوسط، وإن كان بخلاف ذلك فهو ليس على المنهج الصحيح بل عنده شيء من الغلو والإفراط أو التقصير والتفريط بحسب بعده وقربه من الاعتدال، وكما أن التقصير والتفريط مذموم فإن الغلو والإفراط مذموم؛ لأن الغلو مهلك، وهو سبب لكثير من متاعب الأمة اليوم .
وأضاف الخضير أن الغلو مراتب ودرجات؛ فالشخص قد يكون عنده غلو في مجتمعه الصغير في أسرته، ثم مجتمعه الكبير في وطنه، ثم أمته بمفهومها الواسع . فما يحدث اليوم من الاعتداء وسفك الدماء وإزهاق الأرواح وقتل الأنفس بغير حق، وترويع الآمنين، وتدمير المنازل والمنشآت ودور العبادة، وإصدار الأحكام والفتاوى ممن ليس أهلا لها، والافتيات على العلماء في هذا؛ كل ذلك ينشأ من الغلو والتطرف والاعتداد بالنفس والاغترار بها والإعجاب بآراء أشخاص لا علم عندهم، وإنما هم غلاة متطرفون قد فسروا دين الله وفق أهوائهم وفلسفاتهم بعيدا عن العلم وأهله، فالغلو شر ووبال وبلية عظيمة.
وزاد الخضير أن أكثر ما يحصل من الانحراف في الفكر وفي السلوك يكون منشؤه في الغالب من الغلو والتطرف حين يسيطر على فكر الشخص وتصوراته، علاوة على الجهل وقلة العلم والبصيرة، وغالبا ما يكون هذا في فئة الشباب في أول العمر؛ لما في الشاب في بداية شبابه من طيش واندفاع وتسرع، ولما ينقصه من الحكمة والروية وبعد النظر وإدراك العواقب. فإذا توافرت عنده الدواعي التي تحمسه وتحفزه وتشبّع أيضا بقناعات من أشخاص منحرفين في الفكر والتصور قد تصدروا للفتوى وسيطروا على عقول الناشئة وهم ليسوا على منهج صحيح، وذلك بالإضافة إلى الجهل وقلة العلم والبعد عن العلماء فهنا يتكوّن عنده الغلو ثم يبدأ يتصاعد شيئا فشيئا ؛ حتى يظهر أثر ذلك في آرائه وأفكاره وفي تصرفاته وسلوكه وحكمه على الأمور حتى يبلغ به الغلو درجات ومراتب شديدة؛ فيكفّر العلماء، ويكفّر الولاة والحكام، ويكفر الأمة، ويكفّر أيضا مجتمعه وأهله؛ فقد سمعنا عن أناس كفرّوا أهلهم وإخوانهم وأقاربهم وأصحابهم فاستحلوا دماءهم وأزهقوا أرواحهم مع أنهم يرونهم يصلون ويصومون؛ وذلك لما عندهم من الغلو والتطرف الذي انطلقوا من خلاله بسبب شبهة من الشبهات وقعت في أنفسهم فحملهم غلوهم وتطرفهم على أن يستثمروا هذه الشبهة استثمارا سيئا ـ فالشبهات شر ووبال، وهي مرض للفكر والعقل كما أن الشهوة مرض للقلب ـ، فتجعلهم الشبهة يسيرون في طريق الضلال والغواية ويسلكون مسار الغلو والتطرف حتى يبلغ بهم شأوا بعيدا فيدخلون في متاهات التكفير واستحلال الدماء حتى إن الشخص منهم ليكفّر أقرب الناس إليه؛ فتجد منهم من يكفر والديه ويستحمل دمهما، ويكفر أقاربه ويرى أن قتل قريبة أعظم أجرا من قتل غيره. وهذا كله من الفتن التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوعها آخر الزمان.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store