Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جامعتي (جامعة المؤسس) وخمسون عاما

تمر بِنَا الأيام ولا ندرك فواتها إلا بعد ردحٍ من الزمان، ونعود لها كرَّة أخرى من خلال ذاكرة الزمان. تعود لتتذكَّر المكان والرجال الذين عاصرتهم لبناء المكان وتحويله من بقعة أرض إلى جنة للعلم.

A A
تمر بِنَا الأيام ولا ندرك فواتها إلا بعد ردحٍ من الزمان، ونعود لها كرَّة أخرى من خلال ذاكرة الزمان. تعود لتتذكَّر المكان والرجال الذين عاصرتهم لبناء المكان وتحويله من بقعة أرض إلى جنة للعلم. لا يُدرك الجيل الحالي وتنقُّله بين المباني الفارهة، كيف كان المكان وكيف أصبح اليوم. تعلَّمنا ودرسنا فيها على أيدي رجال فضلاء لهم باع، وأسفي لم يُخلِّدهم المكان، ولم تُطلَق أسماؤهم على نتاجهم. أما المكان كيف كان وأصبح من عددٍ قليل من المباني والصفوف وكلية واحدة عندما كانت جامعه أهلية إلى أن حفلت بكلياتٍ عدّة، ومن مبانٍ مؤقتة خشبية إلى مبانٍ فارهة مسلحة. مررنا بها كطلاب لن يتجاوز عددنا بضع مئات، نتجمَّع في أماكنٍ محددة إلى صرحٍ علمي تجاوز طلابه مئات الألوف. جامعة لها الفضل في إتاحة التعليم لمن لم تسعفه ظروفه أن يتعلَّم فعمل وتعلَّم وتخرَّج بشهادة من خلال برامجها للمنتسبين. جامعة استطاعت أن تكون لبنة في تطوير وتنمية منطقة مكة وبلادنا الحبيبة. كانت تشغل حيزًا صغيرًا في بداياتها، وبرجال قلائل، لتصبح اليوم بفضل من الله ومنّته صرحًا كبيرًا معروفًا على خارطة تعليم المنطقة، واستطاعت أن تجد لها مكانًا على الصرح العالمي لتزيدني فخرًا بها واعتزازًا. فهي مربع نشأتُ وتعلَّمتُ فيه، ولاحقًا عدتُ لأُساهم في التعليم والبناء فيه. معظم ذكرياتي في أروقته وبين مبانيه وتطورها وتوسعها لا يُدركها الجيل الحالي، وكيف غَدَت بعد أن كانت.
صحوت من غفلتي عندما قالوا مضت خمسون عامًا، وجدتها تُمثِّل جُل عمري، فأنا وهي صنوان متلازمان في العمر، وسيمضي الزمان ونذهب وتبقى جامعتي لتُسهم في بناء المكان. وتُسهم في بناء الأجيال، فمن موقعها استطاعت أن تحيي منطقة كبيرة، ولا تزال بفضل من الله ورجالها ودعم الدولة تتوسَّع وتشع لتُنير الطريق لمستقبل بلادنا. مهما تحدَّثتُ وأسهبتُ في الكلام عنها، فلها يد عليَّ من خلال وجودي فيها، وقضاء زهرة عمري فيها. تذكَّرتُ من كانوا معنا ورحلوا، وقد قدَّموا خدماتهم بصمتٍ وتركوا وراءهم إرثًا علميًا، ولم ينتظروا تكريمًا أو عرفانًا، لأنهم أدركوا أهمية دورهم، وأن الأجر من الواحد الأحد، وليس من البشر. أدركوا كرجال أن العمل لا ينتظر الشكر والتكريم، واهتموا بالإنجاز والعطاء. ولا تزال الجامعة بخيرها وعطاء رجالها، فهم طلبة علم ورجال علم يعرفون معنى وقيمة العطاء، وأهمية جامعتي للبناء.
وتذكرت قول الشاعر أحمد شوقي:
هذا الأديم كتاب لا كفاء له
رث الصحائف باق منه عنوان
الدين والوحي والأخلاق طائفة
منه وسائره دنيا وبهتان!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store