عش رجبًا

عش رجبًا ترى عجبًا، هذا حال الناس هذه الأيام من ردود الأفعال التي تشاهدها مباشرة أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي خلال الكثير من الأحداث في العالم والتي لا تخصنا أو تمسنا بشكل مباشر، فلقد عشنا خلال أشهر أحداثًا بعيدة عنا مكانيًا ولكن كان تأثيرها وردود أفعالها واضحة بين الناس، فكان الحدث الأول انتخابات تركيا والتي فاز فيها أردوغان وكيف كانت ردود الأفعال بين الناس بين مؤيد ومعارض، ثم جاءت انتخابات الرئاسة الأمريكية والصدمة التي أصابت الناس بفوز ترامب وكيف كانت الخيبة التي مسحت الوجوه، وكيف كانت الولولة والصدمة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع العلم أن هذه الأحداث ليس لها تأثير مباشر علينا، لكن ردود الأفعال تؤكد أن العالم لم يعد قرية صغيرة كما يقولون، بل في حجم يدك وأن ما يجري في العالم قد يؤثر عليك بطريقة أو بأخرى.
لقد استطاعت ثورة الاتصالات والإنترنت أن تهز الكثير من النظريات الإعلامية والسياسية، وأن تغير في مفهوم التأثير والتأثر والبعد المكاني، وأصبحت هي المحرك الرئيس للأحداث في العالم فشرقه يتأثر بما يجري في غربه، وشماله يتأثر بما يجري في جنوبه، وظهرت لنا الأزمات والأمراض العالمية، كل هذا دليل واضح على أن لا أحد يستطيع العيش منفرداً بل الاندماج والعمل مع المجتمع الدولي.
لقد كان لمواقع التواصل الاجتماعي دور فعال في هذه الأحداث وفي أحداث كثيرة سبقتها كانت المحرك الرئيس للأحداث بل ظاهرة حقيقية على مستوى العالم. إذ تدخل في تعديل الكثير من العناصر الرئيسة في النسيج الاجتماعي للمجتمعات، وتجاوز الحدود والمعوقات الثقافية والاجتماعية والسياسية والعرقية، بل تعداها إلى فرض واقع افتراضي يتفوق على الواقع، ويخلق أحداثا ويروج لها ويحشد لها، إنه العالم اليوم شئنا أم أبينا فلا بد أن تتغير النظريات الإعلامية والسياسية فقد استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي إحباط المحاولة الانقلابية ضد أردوغان وإفشالها، وهي من أوصلت ترامب إلى البيت الأبيض فقد كان يتعامل مباشرة مع الشعب الأمريكي من خلال تويتر وقد استطاع من خلاله التفوق على وسائل الإعلام الأمريكية التي كانت تصطف مع هيلاري كلنتون، إنه عصر الإعلام الجديد.