ويسألونك عن مكاتب الاستشارات الأجنبية!

في جلسة مجلس الشورى الموقر التي عُقدت مطلع شهر صفر الحالي، (انتقد عضو المجلس السيد/ محمد الرحيلي لجوء جهات حكومية لبيوت الخبرة العالمية للحصول على استشارات تُكلِّف ملايين الريالات، ويكون مصيرها أدراج المكاتب) (الحياة 2 نوفمبر).
وبصفته مسؤولا سابقا في ديوان المراقبة العامة يُؤكِّد السيد/ محمد أن الهدف الأخير من هذه الدراسات إنما هو ضمّها لسلسلة الإنجازات، التي تنتهي عادةً إلى الحفظ في الأدراج، بل إن كثيرا من هذه الجهات تذهب (بعد هدر الملايين) إلى معهد الإدارة العامة لتظفر باستشارة مجانية يتم الأخذ بها وتنفيذها.
لقد عانى قطاع الاستشارات والدراسات من خلل هيكلي أساسي لأعوام طويلة، وهو خلل بالطبع لصالح الهوامير الأجنبية التي تُصنَّف بأنها (دولية) أو (عالمية)، مع أنها في النهاية تطبق ذات الآلية ونفس الأدوات بعد أن تستمع من العميل لكل رغباته وتوقعاته وأحلامه. البراعة الفائقة لدى هذه المؤسسات (الدولية) هو الإخراج الجميل والورق الصقيل والألوان الممتعة والغلاف الأنيق. صحيح أن ثمة شيئا من الدسم داخل الوثائق، لكنه لن يكون مختلفا كثيرا عما يمكن لدور الاستشارات الوطنية من تقديمه.
الفرق الآخر هو أن مكتب الاستشارات الوطني قادر على مراعاة الواقع بكل أبعاده وحقائقه وظروفه العملية (لا النظرية)، حين عرض النتائج التي تنتهي إليها الدراسة بمصداقية أكبر، وبإخلاصٍ أشد، وبرغبةٍ جامحة في مساعدة ودعم الجهة الطالبة للاستشارة، خاصة إذا كانت العقود عادلة والعوائد مجزية. ومجزية بلغة المواطن لا تزيد أرقامها عن عشر المعنى نفسه بلغة الموسومين بالعالمية.
وأحسب أن لدى وزارة المالية كشف حساب طويل يُبيِّن كم من الأموال التي ذهبت إلى المكاتب الاستشارية الدولية على مدى عقدين من الزمان! وكم هي العوائد الفعلية من هذه الدراسات والاستشارات التي غالبا ما يقرها المسؤول، فإذا ما جاء مسؤول غيره رمى بها في أقرب سلة مهملات ليبدأ دوامة أخرى من استشارات جديدة تراعي الانطلاقة الجديدة برئاسة المسؤول الجديد.
إنها أموال مهدرة ودراسات مهملة ونتائج تتقلب بين المهمة والمنكرة.