Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

وجهة نظر في مقال الرأي

من غير السّهل على كثيرين كتابة مقالات رأي في الصُّحف الرسمية، فمها كان هامش الحُرّية المتاح، هناك أطرٌ عامة وحدودٌ ينبغي التنبّه لها، وسقفُ حريةٍ يحدُّ من طبيعة الموضوعات والمصطلحات المُتَناولة، ومقصّ

A A
من غير السّهل على كثيرين كتابة مقالات رأي في الصُّحف الرسمية، فمها كان هامش الحُرّية المتاح، هناك أطرٌ عامة وحدودٌ ينبغي التنبّه لها، وسقفُ حريةٍ يحدُّ من طبيعة الموضوعات والمصطلحات المُتَناولة، ومقصّ رقيب بالمرصاد، لكن الجيّد أن كاتب الرأي قد حاز - بشكل أو بآخر - على ثقة الصحيفة الرسمية وعددٍ من القراء المُتابعين، لذلك اقتضت الحكمة أن يستفيد الكاتب من هذه الفرصة لطرح موضوعات لا تستفزّ السُّلطة الصُّحُفية، وفي الوقت نفسه تُعبِّر عن هموم جمهور الناس، وتبحثُ في مُشكلات وقضايا المجتمع، وأن يُسدّد الكاتب ويُقارب، وأن يتفاعل لا أن ينفعل، ويُمارسَ حقه في إبداء رأيه بمهنية وتجرّد، بعيدًا عن «التطبيل» المُستفز، أو التكلّف الممجوج، ودون مثالية أو تشدّد، وبخاصة في قضايا جَدَلية تختلف حولها الآراء وزوايا النظر.
ومن الآداب العامة للكتابة، تجنُّب التعميم، فعوضًا عن قول: أفراد المجتمع، يمكن قول: كثيرٌ من أفراد المجتمع، أو بعض الأفراد، وأن يكتب الكاتب رأيه باستخدام صفة المتكلّم وليس الجمع، فلا يقول: نحن أو ندعو أو جميعنا، بل رأيي، وأدعو، وأرى، فمهما بلغ الكاتبُ من العلم والحكمة، فهو لا يزال يعبِّر عن وجهة نظره الشخصية.
ومن الأخطاء اللغوية الشائعة، إدخال (ال) التعريف على كلمة «غير»، فلا يصح قول: «الغير قادرين»، فقد جاءت «غير» دومًا في القرآن الكريم من دون (ال) التعريف كما في قوله تعالى: (غَيرِ المَغضُوبِ عليْهم) فهي - أي ال التعريف - تدخل على الأسماء، ولا تدخل على الحُروف والأفعال، وكلمة «غير» تُعرّف بالإضافة، ومن خلال بحثي وسؤالي عن «بعض» و»كلّ» و»كثير» تعلّمتُ أن الصحيح عدم تعريفها أيضًا، كما في قوله تعالى: (ولَقدْ فضّلنا بَعض النبيّين على بَعض) وقوله: (وَكَثيرٌ مِن النَّاس) وقوله: (كلٌّ لهُ قانِتون).
ومن الجميل الإيجاز في النص، وإيضاح الفكرة من غير إسهاب وإطالة، فذلك أدعى لقبول القارئ وتجنّب ملله، في ظلّ عصر السرعة والأخبار المتزاحـمة، وتعدّد أدوات التلقّي ومصادر المعلومات، فخيرُ الكلام ما قلّ ودلّ، لكن ليس كل ما يُعلم يُقال، وقد يكون السكوت خيرًا من الكلام، وهو أستر للمرء وأسلم !!.. والله تعالى أعلم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store