Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الكنز المفقود

في الماضي كانت الرياضة مجالاً من مجالات الترفيه، ولكن في العقود الأخيرة، تغيَّر الوضعُ بشكلٍ كبيرٍ، وأصبحت الرياضة مجالاً ضخمًا من مجالات الاستثمار حول العالم، بل أصبحت شهرة بعض المدن العالميَّة تقوم

A A
في الماضي كانت الرياضة مجالاً من مجالات الترفيه، ولكن في العقود الأخيرة، تغيَّر الوضعُ بشكلٍ كبيرٍ، وأصبحت الرياضة مجالاً ضخمًا من مجالات الاستثمار حول العالم، بل أصبحت شهرة بعض المدن العالميَّة تقوم في الأساس على الأندية الموجودة فيها، فلم تعدْ الرياضة مجرَّد نشاط ترفيهيٍّ واجتماعيٍّ، بل أصبحت نشاطًا اقتصاديًّا هامًّا، وصناعة استثمار حقيقيّ، يضخ فيها رؤوس أموال ضخمة، وترتبط بها العديد من الصناعات المختلفة، مثل تأسيس الملاعب، وصناعة الملابس، والنقل المباشر، والقنوات الرياضيَّة، والتوثيق والتحليل، وبيع وشراء اللاعبين، وغيرها من المجالات الاقتصاديَّة المختلفة، والرعايات للعديد من الفعاليَّات والأنشطة الرياضيَّة.
الاستثمارُ الرياضيُّ ساهم في إنعاش السياحة لدى بعض المدن حول العالم، حتَّى أصبحت الأندية في تلك المدن سببًا رئيسًا، ليس فقط لشهرتها وزيارتها، بل وأخذ جولة في مرافق تلك الأندية، وشراء ملابس اللاعبين من المتاجر التابعة لها، كما ساهمت في رفع قيمة العلامة التجاريَّة للأندية، وقيمة اللاعبين والمدربين، وذلك كلّه ساهم في رفع مستوى رعاية تلك الأندية، وبالتالي تقوية وضعها المالي، وزيادة رأسمالها، بل وأحيانًا تحويلها إلى شركات مساهمة؛ ممَّا يُمكِّنها من توفير وسائل أفضل لتدريب لاعبيها، أو شراء لاعبين متميِّزين دوليًّا.
قبل عامين كشفت إحدى الدِّراسات التي قام بها أحد مراكز البحوث والدراسات، أنَّ الاستثمار في المجال الرياضيِّ المحليِّ لا يزال استثمارًا بكرًا، ولم يبلغ مرحلة النُّضج والاكتفاء، فالمساحة المستثمرة لم تتجاوز 25% من المساحة الممكن استثمارها، وقد أرجعت الدِّراسة سبب غياب الفرص إلى عدم خصخصة الأندية، وقلة الشركات المُسوِّقة لهذا المجال، كما يُفيد آخرون بأنَّ من أسباب عزوف الاستثمار الرياضيّ المحليّ هو عدم وجود بُنية، أو منظومة واضحة المعالم، تعمل وفق قوانين رسميَّة، وتكفل حقوق الشركات الراعية، أو الجهات الراغبة في استثمار أموالها في هذا المجال.
مؤخَّرًا أقرَّ مجلس الوزراء خصخصة الأندية، وهو قرارٌ اقتصاديٌّ هامٌّ، ومُحفِّز كبيرٌ لتشجيع رجال الأعمال للاستثمار في المجال الرياضيِّ، وتنويع مصادر الدخل للدولة، غير أنَّ هذه الخطوة يجب أن تتمَّ بشكل مهنيٍّ واحترافيٍّ وتدريجيٍّ، والخروج من قالب العمل التطوّعي والاجتهاد، إلى العمل الاحترافيّ والاستثماري، فرجال الأعمال في السابق كانوا يعمدون إلى تقديم الأموال للأندية كتبرُّع، ولكن في مجال الخصخصة فإن الوضع مختلف؛ لأنَّهم سيعمدون إلى وضع الأموال للاستثمار، وانتظار العوائد المجزية.
الاسثمارُ الرياضيُّ لدينا عبارة عن كنزٍ كبيرٍ مفقودٍ، لم يُكتشف بعد على أكمل وجه، ولم يتم طرحه للاستثمار حتَّى الآن بالشكل المأمول، ولذلك فإنَّ هذه الخطوة الإيجابيَّة تحتاج إلى وعي، ودراية، وعلم، وخبرة لتُحقِّق الأهداف المرجوَّة منها، وحتَّى لا ينتج عنها أثر سلبي، ممَّا يجعل إعادة طرحها مستقبلاً صعبًا، وتفقد ثقة رجال الأعمال فيها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store