Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حمى المؤتمرات

تُعدُّ المؤتمرات، والندوات، والمحاضرات، أو الملتقيات، وورش العمل، وغيرها من المناسبات المختلفة ذات المسمَّيات المتغيِّرة أحد البرامج والأنشطة التي يتميَّز بها وطننا، فلا يكاد يمرُّ أسبوع، إلاَّ وتسمع

A A
تُعدُّ المؤتمرات، والندوات، والمحاضرات، أو الملتقيات، وورش العمل، وغيرها من المناسبات المختلفة ذات المسمَّيات المتغيِّرة أحد البرامج والأنشطة التي يتميَّز بها وطننا، فلا يكاد يمرُّ أسبوع، إلاَّ وتسمع عن وجود إحدى هذه المناسبات، في إحدى المدن؛ حتَّى أصبحت هذه الأنشطة مجالاً تجاريًّا خصبًا، قامت من خلاله العديد من الاستثمارات، وأسست له الشركات والمؤسسات التجاريَّة والمتخصِّصة في تنظيم وعقد مثل هذه المناسبات، خصوصًا وأنَّ بعض الجهات التي تقوم بعقد مثل هذه المناسبات تُخصص لها ملايين الريالات في ميزانياتها السنويَّة.
لا جدال بأنَّ هناك فوائدَ من مثل هذه المناسبات، خصوصًا على المستوى الفرديّ، إذ إنَّ التفاعل المباشر للحضور أثناء تلك اللقاءات والمحادثات والنقاشات واللقاءات على هامش تلك المؤتمرات يتولَّد منها العديد من العلاقات العلميَّة والعمليَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، بل وحتَّى الاستثماريَّة، كما أنَّ بعض أوراق العمل التي تُطرح قد ينتج منها مشروعات جديدة إيجابيَّة، غير أنَّ الملاحظ أنَّ معظم ما يُطرح من توصيات في ختام كثير من تلك المؤتمرات يصبح مصيره الطباعة والتدوين والحفظ، دون وجود أيِّ آليَّة للتنفيذ والاستفادة من كل تلك الجهود التي نُظِّمت من أجلها تلك المناسبة، فينتهي كل شيء بانتهاء المناسبة إلى حين الانتظار للعام الذي يليه، لتعاد الكرة من جديد، وبنفس الأسلوب، وقد تختتم بنفس التوصيات.
ذكرت صحيفة الوطن في عددها الصادر يوم الجمعة الماضية خبرًا بعنوان (86% من توصيات مؤتمر الأدباء الرابع لم تتحقق)، وأشارت في الخبر عن انطلاق مؤتمر الأدباء السعوديين الخامس، وسط آمال عريضة أن يتجاوز هذا المؤتمر ما سبقته من مؤتمرات، إذ إن الأدباء يتطلَّعون إلى تحقيق توصياتهم المستمرة بالاهتمام بالأدب، والتي مضى عليها عدَّة سنوات، ولم يتحقق منها سوى 14%، في حين ذكر أحد الكتَّاب أننا حفظنا تلك التوصيات، وأصبحنا نجترَّها ونكرِّرها في كل مؤتمر.
وسائل الإعلام اليوم مليئة بالإعلان عن تنظيم عدد من المؤتمرات المختلفة، وأرى أنَّ على الجهات المعتمدة لمثل هذه المناسبات أن تسأل أولاً: ماذا تمَّ في توصيات المناسبات الماضية؟ وما هو أثرها على المجتمع؟ إذ إنَّ بعض تلك المؤتمرات أصبح الغاية منها هو التنظيم السنوي فقط! أو من أجل مجاملات شخصيَّة، أو بهدف كسب الإشادة والمدح والثناء، ولذلك علينا أن نعيد النظر في مثل تلك المناسبات، وأن نحرص لا على إلغائها، أو منعها، بل تطويرها وتعظيم فائدتها، والاستفادة من مخرّجاتها بشكل عمليّ ومنهجيّ وتطبيقيّ في حياتنا المعاصرة، لتكون فعلاً مناسبة هادفة وهامَّة ينتظرها الجميع عامًا بعد عام، ويتشوَّقون لحضورها، والتفاعل معها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store