Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الملل.. آفة العمل

نعم..

A A
نعم.. هذا ملاحظ ومُجرّب، فالملل من الأمراض التي يُبتلى بها أيّ عملٍ جماعي أو فردي، ليحيله إلى أمرٍ ثقيلٍ على النفس، مزعجٍ للمشاعر، فاقدٍ للأهـمية غير مُستساغ، ويجعله مجرد نمَط دوري قاتلٍ للطموح، مثبـّطٍ للعزائم، لايُرتجى منه إبداع ولا يُنتظر منه إتقان.
من الواضح في نظري تسلّل الملل إلى نفوس كثيرين، وانتشاره بين الناس بصورة مُزعجة، بعد أن مهّدتْ له الطريق السالكة الواسطة والمحسوبية والبيروقراطية العقيمة، وتأخّر الحقوق أو ضياعها، ليُطبق على خواطر كثير منهم، ويُضعف عزائمهم وقوتهم، وبخاصة مع عوامل الإحباط الاجتماعي، واستمرار بعض المشكلات العالقة دون حلول حقيقية، وتجاهل المُطالبات المنطقية المُلِحّة، وسلب الإنسان قيمته الوطنية ودوره الاجتماعي، فعلى الرغم من توافر كثيـر من الإمكانات والكفاءات، إلا أن عددًا من الأنظمة ما تزال قاصرة عن محاصرة الفساد والفاسدين في بعض المؤسسات، فاشلة في تطوير الـمجالات التنموية، عاجزة عن دعم الإبداع والمبدعين، فتجد كثيرين يعملون لمجرد تحصيل ما تبقى لهم من رواتبهم، فاقدين متعة العمل، فقد علّمتهم تجاربهم الشخصية غياب المنطق السليم عند تولية كثير من المسؤولين مناصبهم، فالولاء الشخصي يكاد أن يكون هو المرجع الوحيد، وتواترت الخبـرات لديهم على تعزيز فكرة الأنانية الفردية المُفرطة وغياب الثقة في العمل الجماعي، وأداء أقلّ القليل لتجنـّب المُساءلة، والـمشي «جنب الحيط» بوصفه أسلم وأستـر!!.
وبما أن «المُخرج عايز كدة»، فلماذا يُكلّف أحدهم نفسه ويجهدها دون عائد مادي ولا تقدير معنوي؟!. ومن هذا المُنطلق أصبح الموظف من أولئك خاليا من المشاعر الإنسانية، جامدا كآلة تعمل بشكل روتيني، يبدأ دوامه متشنجًا، منتظرًا نهايته بفارغ الصبر لتنتهي معاناته اليومية، فالمهم لدى رؤسائه إثبات حضوره وانصرافه، فلا دافع ولا محفّز، بل تهميش وإساءة.
الملل.. قاتلُ الإبداع، مُزهق الأمل، لا رائحة له ، ولا لون، كغاز أول أكسيد الكربون، يتسلّل دون أثر، ولا إنذار، يلوّث الأجواء بالموت الصامت، ويمنع أوكسجين الإبداع، ليُزهق روح الحياة العملية، فلا يبقى غير مخبـر هزيل ومظهر غير جميل، حمانا الله وإياكم من قاتلي المرح، سالبي الفرح، من أعداء النجاح، ومنغّصي الحياة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store