Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الصداع اللبناني!

يعجز المحللون في فهم السياسة اللبنانية التي تعيش على التقلبات والمناورات بين فئاتها المتناقضة مع نفسها ومع الغير.فعندما كان التوجه ضد إسرائيل بحكم الجوار والقرب من القضية الفلسطينية صفق الشعار القومي

A A
يعجز المحللون في فهم السياسة اللبنانية التي تعيش على التقلبات والمناورات بين فئاتها المتناقضة مع نفسها ومع الغير.فعندما كان التوجه ضد إسرائيل بحكم الجوار والقرب من القضية الفلسطينية صفق الشعار القومي من المحيط الى الخليج لكل ماهو لبناني الصامد في وجه عدو الأمة الاول الكيان الصهيوني. وعندما شبت الحرب الأهلية في السبعينيات من القرن العشرين تداعت الصيحات العربية لإنقاذ لبنان واللبنانيين من أنفسهم وأبرم الصلح برعاية المملكة العربية السعودية في مؤتمر الطائف الشهير. وعندما احتلت إسرائيل بيروت وأجهزت على سكان تل الزعتر بتعاون مشبوه وأخرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان جرحت الأمة في الصميم لهول الجرم واحتلال عاصمة عربية تعد منار إشعاع حضاري ورمزاً ثقافياً مستنيراً.وبعد ما اخترقت إيران وكونت حزب الشيطان أصبحت المعضلة أكبر تعقيداً ،وأصبح لبنان عبئاً كبيراً إن تُرك أدمى الجميع وإن سعى الغيورون على مصير الأمة لإنقاذه عجزت الحلول عن حسم صراعاته الداخلية. والأمر الذي لم ينل الاهتمام المطلوب من البداية علاقة لبنان بسوريا البعث والعلوية والأسرة البعثية الأسد ومن حوله. والخلطة اللبنانية من أصلها مركب بركاني زرعه الاستعمار من بداية الاستقلال. حكم دستوري برأس مسيحي ماروني ورئيس وزراء مسلم سني وما تبقى متذبذبٌ بين هذا وذاك.سوريا من البداية تدعي أن لبنان جزء من سوريا الكبرى وأن لها الأفضلية في تقرير مصيره ،واللبنانيون بكل أطيافهم قبل التمكُّن الإيراني يريدون الجوار والابتعاد عن دمشق المتسلطة. انتفاضة الربيع العربي قرَّبت المسافة بين عملاء إيران والعلوية وأصبحوا في خندق واحد ضد الأغلبية السنية في سوريا ولبنان معاً باستراتيجية بعيدة المدى ضد الأمة العربية.
وبعد عامين من الشلل الحكومي الأخير في لبنان اتفقت الأطرف - أوهكذا يبدو - على المستحيل لقبول ميشيل عون رئيساً وتفاهم شفهي رقيق ليكون الحريري رئيساً للوزراء. المملكة العربية السعودية رحبت بإرادة اللبنانيين وأبدت استعدادها للمساعدة ما أمكن ولذلك أوفدت شخصيات رسمية رفيعة المستوى تعبيراً عن مباركتها لما توصل إليه الفرقاء ودعماً لإخراج لبنان من الجمود الذي لحق به منذ اغتيال رفيق الحريري والذي قد يكون الاتفاق الأخير ثمن السكوت على مرتكبي جريمة اغتياله.
والمعضلة اللبنانية والسورية ليست في التنوع المذهبي : سني شيعي مسيحي ،ولكنها في الاختراق الإيراني الذي يسعى بكل ما أوتي لإحكام قوس الأزمات من حول الجزيرة العربية ،ومهما كان حجم التنازلات وغض الطرف فلن تتخلى إيران عن مشروعها تحت ولاية الفقيه الوهم الذي يعيش خارج العصر بكل مقاييس الماضي والحاضر الدينية والسياسية.
والمملكة عندما تقدم حسن النوايا تدرك بأن ايران تسير في الاتجاه المعاكس ولكن الرهان على لبنان يظل جزءاً من الإستراتيجية العربية مهما استعصت الحلول، والتخلي عنه يُكسب إيران ورقة تسعى لامتلاكها حتى تُحكم القبضة على بلاد الرافدين والشام بكاملها.
وبعد تدمير سوريا ومشاركة حزب حسن نصرالله إيران في ارتكاب أبشع الجرائم في سوريا وتهديد الوحدة اليمنية ،هل التقارب الحالي سيغير من مناوأتهم العلنية للمملكة وشعبها، أم سيبقى الصداع اللبناني كما هو؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store