جولة في شارع التحلية

جهود كبيرة ومشكورة، تلك التي تقوم بها إدارة المرور في مختلف مناطق المملكة؛ لتعزيز مكانة نظام المرور، وفرض هيبته واحترامه بين السائقين، والحد من الخسائر الكبرى في الأرواح، والتي تؤدِّي إلى 20 حالة وفاة يوميًّا، وأكثر من 40 ألف إصابة، منها 6 آلاف إصابة مُقْعِدَة سنويًّا، وفي هذا الإطار حرصت إدارة المرور على تعديل لائحة المخالفات المروريَّة لمواجهة بعض الظواهر السلبيَّة، كقطع الإشارة، والتفحيط، كما عمدت إلى وضع الكاميرات عند بعض التقاطعات، وفي بعض الخطوط السريعة لرصد المخالفين، أمَّا بعض الطرقات الفرعيَّة فهناك بعض رجال الأمن الذين يقومون بجولات ميدانيَّة في بعض المواقع، وخصوصًا تلك التي يكثر فيها الزحام أمام بعض المحلات التجاريَّة لرصد مخالفات المركبات التي تقف بشكل مخالف.
يُعتبر طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية) أحد أهم طرق مدينة جدَّة، فهو يقع في وسط المدينة، ويقطعها من الشرق إلى الغرب، ويُعدُّ الشريان الرئيس للطرق بمدينة جدَّة، وتسير فيه مئات الآلاف من السيارات يوميًّا، ولذلك فمن المفترض أن يكون هذا الطريق طريقًا نموذجيًّا، ومن أكثر الطرق انضباطًا، إلاَّ أنَّ مَن يسر في هذا الطريق، يجد فيه معظم أنواع المخالفات، سواء في التجاوز، أو السرعة، أو عكس مسار السير، خصوصًا في المخارج التي تؤدِّي إلى خط الخدمة، أو القفز من فوق الأرصفة، أو قطع بعض الإشارات التي لا يوجد عليها كاميرات، أو الوقوف الخاطئ، ولذلك يتعجَّب البعض أين اختفت أدوات الرصد والمراقبة عن هذا الطريق الرئيس في جدَّة؟ وكيف يمكن لهؤلاء المخالفين أن يتجرَّأوا على نظام المرور بهذا الشكل، وفي مثل هذا الطريق الرئيس؟ وكيف يغفل عنهم رجال المرور، ولا يتم رصد مخالفاتهم لتكون رادعًا لغيرهم من أن يقلدهم؟
المخالفة مهما كان نوعها وحجمها هي مخالفة، ويجب أن يُحاسب المخالف مهما كانت مخالفته، وأينما كان موقعها، ولكن الغريب أنَّك أحيانًا تجد أن هناك مخالفات تُرصد على مخالفين في طرق فرعيَّة، أو جانبيَّة، أو داخل بعض الأحياء، وعلى مخالفات كعدم ربط حزام، أو وقوف خاطئ نسبيًّا، في حين تجد مخالفين في طرقات رئيسة، ويقومون بمخالفات كُبرَى، وعلى مقربة من بعض رجال الأمن الموجودين في التقاطعات، ومع ذلك لا تجد مَن يحرِّك ساكنًا أمام أولئك المخالفين، ولا مَن يحاسبهم على تلك المخالفات، خصوصًا وأنَّها تقع في أكبر الطرق الرئيسة.
رصد المخالفات، والمحاسبة عليها، ودفع الغرامات المالية من أبرز الوسائل التي تساهم في الالتزام بنظام المرور، وبالتالي خفض الحوادث. غير أنَّ تجاهل أمثال هؤلاء المخالفين في مثل تلك الطرق الرئيسة يساهم في التقليل من احترام نظام المرور، وضعف هيبته واحترامه، والاستهتار بأرواح وممتلكات الآخرين.