Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أعراسنا.. رؤية وحزم

تولدت فكرة هذا المقال بعد حضوري ومجموعة من الزملاء مناسبةَ زواج ابن أحد الأصدقاء بمحافظة المخواة بمنطقة الباحة المجاورة لمحافظتنا (العُرضيات) بمنطقة مكة المكرمة؛ ذلك أنه وبعد انصرافنا والمدعوِّين غرد

A A
تولدت فكرة هذا المقال بعد حضوري ومجموعة من الزملاء مناسبةَ زواج ابن أحد الأصدقاء بمحافظة المخواة بمنطقة الباحة المجاورة لمحافظتنا (العُرضيات) بمنطقة مكة المكرمة؛ ذلك أنه وبعد انصرافنا والمدعوِّين غرد الإعلامي الأستاذ (صالح الشمراني) على حسابه بتويتر قائلاً: «تخيلوا أني حضرت زواج بالمخواة يبعد حوالي ٥٠كلم وتعشينا معهم وعدت لاستراحتنا ولحقت المباراة، وبقصورنا باقي يصبوا شاي». صالح يصف بحسرة شيئًا من المعاناة التي تجري فصولها في قصور الأفراح والاستراحات في محافظة العرضيات، وأحد فصول هذه المعاناة هو التأخير غير المبرَّر لوجبة العَشاء للرجال إلى بعيد الساعة العاشرة، وللنساء إلى بُعيد الساعة الثانية عشرة، هذا في ليالي الشتاء التي تنتهي فيها صلاة العِشاء قبيل الساعة الثامنة، وفي الصيف الأمر أدهى وأمرُّ. أذكر في هذا المقام أنني حضرت بعض الزواجات في سراة منطقة الباحة -ما بين الباحة وبلجرشي- وفي الحالات كلها كانوا يقدِّمون وجبة العَشاء قبل صلاة العِشاء بما يقرب من ربع ساعة، وهذا يدل على حرصهم ووعيهم، وهو ما انعكس بدوره على مجمل حياتهم الاجتماعية والاقتصادية. لم نكد ننتهي من تغريدة صالح حتى شكا المشرف التربوي الأستاذ (علي صالح المنتشري) من قضايا عدة في مناسبات الأفراح بالعرضيات، ومن ذلك ما يسمى بالطقاقات اللاتي يتقاضين مبالغ ضخمة مقابل ساعات من الصخب، والمبالغة في الكماليات التي تثقل كاهل أهل العريسين، وتحويل مناسبة عقد القِران (الملْكة) إلى مناسبة زواج مكتملة الأركان، في حين كان يمكن أن يُكتفى فيها بالعريس وووالدَيه مع قليل من الطعام؛ فالمناسبة لا تتعدى كونها (عقد قِران) وليست (زفَّة). كلا الزميلين (صالح وعلي) شخَّصا المشكلة، في حين جاء عليٌّ ببعض الحلول؛ كأن يتفق شيوخ القبائل على شروط تكون ملزمة للجميع، أو أن يبادر المحافظ بالاجتماع بأهل الرأي لوضع استراتيجية معينة يتفق عليها الجميع وتغدو دستورًا لمناسبات الأعراس، وغيرها من الحلول التي يراها تحد من هذه الظاهرة. ومع أنها حلول وجيهة إلا أنها قابلة للاختراق والانهيار بعد فترة من التماسك، لكن الحل الذي أراهن عليه يعود في المقام الأول لوعي أصحاب الشأن (أهل العريس والعروسة) فلو رغبوا في التسهيل والتيسير فباستطاعتهم ذلك متى وضعوا نصب أعينهم قوله صلى الله عليه وسلم: «أكثرهنَّ بركة أيسرهن مؤنة». مشكلة المفتونِين بنغمة السهر وبالتالي تأخير وجبة العَشاء أنهم لازالوا (على الدَّقَّة القديمة)؛ إذ يظنون أن في ذلك مسايرة للعالَم المتحضر، وما دروا أن العالَم المتحضر شحيح بوقته دقيق في مواعيده محترِم لوقت معازيمه، ومشكلة المتكلِّفِين في أعراسهم أنهم يظنون أنهم يضاهئون المترفِين، وما دروا أن بعض المترفين لا ينفقون في أعراسهم إلا ربع ما ينفق المضاهئون. مربط الفرس في قضيتَي السهر والمباهاة هي ما ذكره بعض المغردين في ردودهم على تغريدة صالح حينما جيَّروا العلة للنساء والنساء فقط. وعليه، فأعراسنا تحتاج هي الأخرى (لرؤية وحزم) تسايران المرحلة الاقتصادية الراهنة، وتخلقان وعيًا تنعم به الأجيال القادمة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store