Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ذبح الدجاجة التي باضت ذهبًا

كتبتُ بعد ظهور التنظيم الإجراميِّ المسمَّى بـ»داعش» بشهور قليلة، مقالة عنونتها: «داعش الدَّجاجة التي تبيض ذهبًا»، أشرت فيها إلى أنَّ هذا التنظيم المشبوه، تنظيمٌ مصنوعٌ لخدمة أغراض قوى إقليميَّة بعينها

A A
كتبتُ بعد ظهور التنظيم الإجراميِّ المسمَّى بـ»داعش» بشهور قليلة، مقالة عنونتها: «داعش الدَّجاجة التي تبيض ذهبًا»، أشرت فيها إلى أنَّ هذا التنظيم المشبوه، تنظيمٌ مصنوعٌ لخدمة أغراض قوى إقليميَّة بعينها، وينفذ أجندات خارجيَّة بعينها، أهمُّها صرف النظر عمَّا ترتكبه إيران، وحلفاؤها، وأذنابها (الذين زادوا ذنبًا آخر مؤخَّرًا) من جرائم بحق العرب السنّة تحديدًا في منطقتنا العربيَّة، إذ سُخِّر هذا التنظيم بدهاء، ومكر كبيرين لتكوين عطاء لإجهاض المقاومة والمعارضة في سورية باسم محاربة الإرهاب، وكذلك الأمر في العراق ومناطق عربيَّة أخرى. واليوم أقول إنَّ هذه الدجاجة قد باضت من الذهب ما يكفي، وأكبر قدر من البيض جُمع في سلة روسيا، حين اتَّخذت من محاربة داعش ذريعة لتأتي إلى سورية بكل عديدها وعتادها لاستئصال شأفة كل معارض للحكم النصيري بغض النظر عن كونه معتدلاً، أو متطرّفًا، ولم تعد روسيا تتحدَّث إطلاقًا عن محاربة داعش، لأنَّها منذ وصلت إلى سورية محتلة لم تطلق رصاصة واحدة على داعش، وكيف ترمي الدجاجة التي ما تزال تبيض ذهبًا، وبعد أن استقرَّ لها الأمرُ لم تعدْ تعبأ بالعالم كله، فهي تنقض قرارات مجلس الأمن، قرارًا تلو القرار، وتفتك بأيِّ منظمة حقوقيَّة دوليَّة على مرأى ومسمع من العالم كله، كما فعلت -مؤخَّرًا- مع منظمة العفو الدوليَّة، التي طردتها من مقرها في موسكو؛ بحجَّة عدم دفع المنظمة لإيجار المبنى، وصرَّحت للعالم كلِّه بأنَّها لا تحارب في أيِّ دولة خارج حدودها، إلاَّ في سورية جهارًا نهارًا، كما صرَّحت -مؤخَّرًا- بأنَّ باب المحادثات والمفاوضات لحل الأزمة السورية قد أغلق للأبد، وبعد أن أدركت تمامًا أنَّ لا معارض لها، ولا حاكمًا بأمره على الأرض سواها، في ظل تخاذل، أو تواطؤ أمريكا، قرَّرت أنْ تذبحَ هذه الدجاجةَ التي أصبحتْ تكاليفها أكثر من نتاجها، فإدارة شؤون مليون ونصف المليون من البشر في الموصل، وإن كانت بالحديد والنار، والقمع، وتشويه صورة الإسلام السنّي السلفيّ باتت مكلِّفة جدًّا لتنظيم داعش، أو بالأصح مكلِّفة لمن ينفقون عليه من الدول المستفيدة، وفي مقدمتها إيران، والعراق، وسورية، وروسيا، والبغدادي رهن إشارة هؤلاء جميعًا، وهو المحرِّك الرئيس لهذه الدجاجة، وبعد أن قرَّر حلف إيران والروس التخلُّص من التنظيم، أشاروا عليه بأنْ يلقي خطابه الأخير محرِّضًا أتباعه، الذين لا يعلمون عمّن يستأجرونه شيئًا، بحيث يشير إلى دول بعينها كانت المستهدفة في الأصل من تكوين هذا النظام، وفي مقدمها الدولتان السنيِّتان اللتان تشكِّلان قطبي أهل السنَّة: السعوديَّة، وتمثِّل السنَّة العرب، وتركيا وتمثِّل السنَّة من غير العرب، وتحالفهما هو الذي قضَّ مضجع الروس والإيرانيين، وأذنابهما العرب، وظهر للعالم كلّه أنَّ «داعش» هو العدو الأول للسعوديَّة وتركيا، وليس عدو إيران، ولا العراق، ولا روسيا، وهي الدول التي لم يحرض البغدادي قطيعه على ضربها.
وبراءة المملكة من داعش، بل واكتواؤها بناره ليس خافيًا على أحد، ومع ذلك تُكال الاتِّهامات الفارغات بأن هناك علاقة بين المملكة وداعش، كما ألصقت بها من قبل تُهم التحالف مع القاعدة، وتبين أنَّ إيران هي مَن يدعم القاعدة، ويحميها، ولا أدلُّ من أن زعامات القاعدة مازالوا يعيشون في إيران منذ سقوطهم في أفغانستان تحت حماية الحكومة الإيرانيَّة، وبعد أن قرَّرت قوى الشرِّ التخلُّص من داعش، بعد أن حقق لها كل أهدافها، ستفتح الأبواب لاستقبال البغدادي، وقياداته، وليذهب بقية القطيع إلى الجحيم!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store