Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سر انتعاشي.. انتمائي للمواشي !

كَتَبَ الأَطبَّاء وتَكلَّموا –كَثيراً- عَن فَوائِد المَشْي الصّحيَّة والطّبيَّة والنّفسيَّة، وكُلّ هَذا مَشهور ومُتَاح في وسَائِل الإعلَام، ولَستُ بصَدَد الحَديث عَنه لسَببيْن: أَوَّلاً لأنَّني لَا أَ

A A
كَتَبَ الأَطبَّاء وتَكلَّموا –كَثيراً- عَن فَوائِد المَشْي الصّحيَّة والطّبيَّة والنّفسيَّة، وكُلّ هَذا مَشهور ومُتَاح في وسَائِل الإعلَام، ولَستُ بصَدَد الحَديث عَنه لسَببيْن: أَوَّلاً لأنَّني لَا أَفقَه في الطِّب شَيئاً، ثَانياً لأنَّه أَمرٌ مَعروف ومَشهور..!
بَل مَا أَنَا بصَدده اليَوم، الحَديث عَن فَوائِد المَشي كمُحرِّك للذِّهن، ومُحفِّز للتَّفكير، حَيثُ اختَصَر الفِكرة كُلّها الفَيلسوف «كارليل» حِين قَال: (لَيس المَشي جَيِّداً للجِسم فَقَط، بَل إنَّه جَيِّد للذِّهن أَيضاً)، وحَتَّى نُؤكِّد أَنَّ المَشي مُفيد للذِّهن، دَعونَا نَستَدعي بَعض الأمثِلَة:
يَقول المُؤرِّخون: إنَّ الشَّاعِر «جرير» كَان في حَربٍ شِعريَّة مُستمرَّة؛ مَع خِصمهِ اللَّدود وابن عَمّه الشَّاعِر «الفرزدق»، الذي كَان يَستمتَع بـ»مَرْمَطة» «جرير» في مُبَاريات الهِجَاء، وبَعد كُلّ هَزيمة كَان «جرير» يَصعد إلَى سَطح دَاره، ليَقضي سَاعَات في الدّوران والمَشي فَوق السَّطح، حَتَّى يُوقِد ذِهنه، ويَنْظُم أَقوَى القَصَائد وأَمَرُّ الهِجَاء، وهَكَذا كَان المَشي بالنّسبَة لـ»جرير» هو المُحرِّض الأكبَر لإنتَاج الشِّعر..!
أَكثَر مِن ذَلك، تَقول الكُتب التي وثَّقت حيَاة العَالِم الفَذّ «آينشتاين»: إنَّه كَان يَحلُّ أَعقَد المَسَائل الرِّيَاضيَّة أَثنَاء المَشي..!
وإذَا أَردنَا المَزيد مِن الأَدلِّة، سنَجد أَنَّ الكَاتِب الفِرنسي الكَبير «مونتيني»، كَاد يُقسم بأنَّه يَكتب بسَاقيه، حِين قَال: (تَرقُد أَفكَاري إذَا أَقعدتُها، ولَا يَعمل ذِهني مَا لَم تُحرِّكه السَّاقَان)..!
وإذَا لَم تَقتَنعوا بكُلِّ مَا مَضَى، تَأمَّلوا فِكرة ذَلك الأَديب الذي قَال: (عِندَما أَمشِي، يَغمرني الانطبَاع بأنَّ جَسَدِي يَتكلَّم)..!
نَعم، لِقَد صَدَق الشَّاعِر، فالعَرق الذي يَفرزه الجِسم أَثنَاء المَشي؛ هو ثَرْثَرَة، ودَقَّات القَلب هي حَديثه، ونَبض العرُوق مُجرَّد دَردشَة للأعضَاء والأطرَاف..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نَذكُر بأنَّ «العرفج» لَا يَقل كَثيراً عَن «جرير وآينشتاين»، ورُبَّما أَكون صَادِقاً إذَا اعتَرفتُ أَنَّ 70% مِن أَفكَار هَذه الكِتَابَات، وُلدت أثنَاء المَشي، لأنَّ عَقلي -مِثل عَقْل الكَاتِب الفرنسي «مونتيني»- لَا يَعمل بفَعالية إلَّا أَثنَاء المَشي..!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store