Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التجارة السوداء للصحة والتعليم!

لا يختلف اثنان على أن الاستثمار في مشاريع الصحة والتعليم يتطلب إمكانات مادية عالية، خاصة عندما يكون ذلك على غرار ما نراه من مستشفيات ومدارس أشبه ما تكون بفنادق الخمسة نجوم من حيث ضخامة المباني وفخامته

A A
لا يختلف اثنان على أن الاستثمار في مشاريع الصحة والتعليم يتطلب إمكانات مادية عالية، خاصة عندما يكون ذلك على غرار ما نراه من مستشفيات ومدارس أشبه ما تكون بفنادق الخمسة نجوم من حيث ضخامة المباني وفخامتها وما تحتويه من أجهزة ومستلزمات متطورة.
من ناحية أخرى فإنه لا خلاف أيضاً على أن هذا الانتشار الكبير للمستشفيات والمدارس التجارية يعكس حقيقة ضخامة وجدوى الطلب عليهما.. ليس بالضرورة (وهذا مهم) لكون كل من يقبل على تلك الخدمات -باهظة التكلفة- من ذوي الدخول المليونية، بل هو بسبب حساسية وأهمية الصحة والتعليم في حياة الناس لدرجة يمكن معها القول بأن معظم الناس مستعدون للاستدانة أو تخصيص الجزء الأكبر من دخلهم في سبيل الحصول على علاج وتعليم جيدين لأبنائهم، ولو تطلب ذلك تضحيتهم باحتياجات أخرى أساسية وضرورية.
لهذه الأسباب فإن التوقعات من هذين القطاعين تختلف عن أي قطاعات تجارية أخرى سواء من ناحية التكلفة المعقولة للخدمة، أو من ناحية جودة تلك الخدمة وبُعدها عن الاستغلال التجاري والإهمال.
الحقيقة للأسف الشديد أن كثيراً من مستشفياتنا ومدارسنا الخاصة لم تعد تأبه سوى بأمر واحد وهو تضخيم أرباحها دون أدنى مراعاة لحساسية ونبل المهنة التي يمارسونها والمبنية في كلتا الحالتين على الصدق والأمانة والثقة. بكل بساطة، تخيل أن تفقد ثقتك بطبيبك أو معلمك أو بالمنظمة التي يعمل بها، حينها قطعاً ستنهار العلاقة بكاملها وسيصبح كل مجهود يتم القيام به قاصراً وغير ذي جدوى.
لننظر مثلاً الى بعض الممارسات التي انتشرت في كثير من مستشفياتنا الخاصة وتنطوي على قدر كبير من الجشع والاستغلال:
1- المبالغة الكبيرة في طلب التحاليل واكتفاء الطبيب بالمرور عليها في نصف دقيقة أو أقل دون تقديم أي شرح للمريض لأسباب طلبها وعلاقتها بحالته المرضية. وربما يكون سبب ذلك هو منح المستشفى عمولات للأطباء عن قيمة تلك التحاليل وإلزامهم بحد أدنى منها، وهذا ما ينبغي على وزارة الصحة منعه بصرامة تجنباً للاستغلال الحاصل.
2- قيام كثير من الأطباء برفع أجور كشفياتهم بأكثر من 100%، يتحملها بالكامل المريض الذي ليس لديه تأمين، أو تتحمل شركة التأمين أقل من نصفها فقط بينما يتحمل المريض باقي المبلغ. وهكذا تم إفقاد التأمين الطبي لقيمته مهما كانت درجته، والضحية دوماً هو المريض وحده.
3- وهنا يأتي الأسوأ، حيث يقوم كثير من الأطباء - وبمعرفة مستشفياتهم- بفرض «أتاوة» على إجراء العمليات، فحتى لو تحملت شركة التأمين معظم تكلفة العملية فإن على المريض أن يدفع مقدماً وبالكامل مبلغاً خارجياً يتراوح من 4 إلى 10 آلاف ريال وأكثر للطبيب ليوافق على إجراء العملية، وتزداد معاناة المريض طبعاً حين لا يكون لديه تأمين.
هناك المزيد والمزيد مما يمكن قوله عن ممارسات بعض المستشفيات الخاصة التي تحولت إلى تجارة سوداء بشعة خالية من مبادئ وقيم المهنة النبيلة. ممارسات تتم علانية دون رحمة بضعيف أو خوف من رقيب في السماء أو الأرض.
بالنسبة للتعليم التجاري سيكون لي عودة قريبة إليه بحول الله تعالى.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store