Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

كن رائعاً ودع ميولك جانباً

علمونا منذ الصغر ورددوا على مسامعنا بأن طريق النجاح هو أن تضع لنفسك هدفاً يتفق مع ميولك، وأن تختار التخصص والوظيفة التي تتناسب مع تلك الميول، غير أننا غالباً سرعان ما نصطدم بواقع مختلف تماماً عما كنا

A A
علمونا منذ الصغر ورددوا على مسامعنا بأن طريق النجاح هو أن تضع لنفسك هدفاً يتفق مع ميولك، وأن تختار التخصص والوظيفة التي تتناسب مع تلك الميول، غير أننا غالباً سرعان ما نصطدم بواقع مختلف تماماً عما كنا نحلم به ونتمناه، وهنا تبدأ دوماً رحلة الإحباط والفشل البعيد كل البعد عن نصيحة «الميول» تلك وأحلامها الوردية.
البروفيسور Calvin Newport ألَّف كتاباً بعنوان (So Good They Can›t Ignore You) وترجمتها (كن رائعاً لدرجة لا يمكنهم معها إغفالك)، ذكر فيه بأن نظرية اختيار وظيفة المستقبل وفقاً لـ «الميول» هي أحد أخطر الأمور وأكبر الأخطاء التي يمكن أن نرتكبها بحق أنفسنا، لأنها تفترض بأن وظيفة العمر في انتظارنا دوماً متى ما أردناها. ويرى Newport بأن البديل لتلك النظرية هو أن تكون حِرَفِياً craftsman بمعنى أن تتمتع بمهارة عالية في العمل الذي تؤديه أياً كان، لدرجة لا يمكن معها للآخرين -بمن فيهم رؤساؤك- تجاهلك. ويضيف بأن هذه المهارة أو «الروعة» لا يمكن أن تتحقق بطبيعة الحال دون بذل مجهود مضاعف، وتطوير مستمر للذات، إضافة الى التفكير الدائم بما يمكنك تقديمه لوظيفتك بدلاً من التفكير بما يجب على الوظيفة تقديمه لك. وهنا تكمن الصعوبة لأن أكثر الناس يقبلون على الوظيفة وكل ما في أذهانهم ما ستقدمه لهم من مزايا، مع قليل جداً من التفكير فيما ينبغي عليهم كموظفين تقديمه لوظائفهم بشكل إبداعي واحترافي.
ورغم أني لم أقرأ عبارة «كن رائعاً لدرجة لا يمكنهم معها إغفالك» إلا مؤخراً، إلا أني آمنت جداً بفكرتها منذ سنوات طويلة، حيث كنت أكرر لطلابي في كل فصل دراسي بأن كلمة السر للنجاح والتفوق هي (التميز)، فكلما ازداد الموظف تميزاً في أدائه كلما ازدادت فرصته للبروز والترقي.
هذا النقاش مع طلابي كان لا يخلو دوماً من تعليقاتهم بأن الواقع يقول بأن الواسطة والمحسوبية هي في النهاية من يحسم الأمر وليس التميز. ولأني أدرك جيداً بكل أسف استفحال مشكلة الواسطة والمحسوبية والشللية لدينا، فإن ردي على الطلاب كان مجدداً بأن (التميز) هو الحل الذي لا بديل له. بمعنى كن متميزاً لدرجة تجعلهم ينكشفون ويقعون في حيرة شديدة عند المفاضلة بينك وبين «صاحب الواسطة» وغيره، وتأكد دوماً بأنك ستنتصر عاجلاً أو آجلاً.
نصيحتي لكل موظف مبتدىء وغير مبتدىء هي: كن متميزاً، وابذل مجهوداً نوعياً مضاعفاً عن كل من حولك بالإخلاص والانضباط والإبداع، والعمل بجد على تطوير مهاراتك، وتخفيض سقف توقعاتك بما يقدمه لك عملك والتركيز على ما يمكنك إضافته لذلك العمل.
باختصار..
«كن رائعاً ودع ميولك جانباً» فهذه هي - رغم بعض مرارتها- وصفة النجاح المضمونة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store