Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عشق الاستبداد!!

إذا كنَّا نتحدَّث عن حُكم الطغاة، وما أنزلوه بشعوبهم من ظلم، فإنَّ ما تلا إسقاط صدام حسين من أحداثٍ، بعد عشر سنوات على رحيله، جعل حتَّى مَن فرح بإعدامه، يترحَّمون عليه، وهم يرون حالة الانهيار والتمزُّ

A A
إذا كنَّا نتحدَّث عن حُكم الطغاة، وما أنزلوه بشعوبهم من ظلم، فإنَّ ما تلا إسقاط صدام حسين من أحداثٍ، بعد عشر سنوات على رحيله، جعل حتَّى مَن فرح بإعدامه، يترحَّمون عليه، وهم يرون حالة الانهيار والتمزُّق التي تعيشها بلادهم، فالاحتلال الأمريكيُّ الذي أطاح بصدام، و«حرَّر» العراق، قتل أكثر من مليون إنسان، وشرَّد أربعة ملايين آخرين، ودمَّر البلاد بالكامل، وبات العراق محيطًا من الفساد والفاسدين، وناهبي المال العام، ودون الحد الأدنى من الخدمات الأساسيَّة من الماء، والكهرباء، والصحة، والتعليم، والأمن والأمان.
****
وعلى الجانب الآخر، ورغم كلِّ أخطاء الزعيم المصري جمال عبدالناصر، فقد تمتَّع في حياته، وبعد وفاته بشعبيَّة جارفة على امتداد الوطن العربيّ، وساهم في بناء دولة قويَّة ذات مؤسَّسات وسيادة مستقلَّة. لكنَّ صدام حسين، وجمال عبدالناصر تسبَّبا فيما حاق بلادهما من رزايا. فحالُ العراق هو كما نراه، ومصر يُسأل عبدالناصر نفسه عن كلِّ الأزمات التي حاقت بها، منذ وفاته، ذلك أنَّ خليفتيه «السادات، ومبارك» استغلاَّ النظام الفرديَّ الذي أسَّسه عبدالناصر، مستندَين على شرعيَّة ثورة يوليو في تقويض الدولة المصريَّة، وتوجيه ثرواتها لصالح طبقة معيَّنة، باتت تملك المال، والسلطة، ناهيك عن التبعيَّة للخارج، وفقدان البلاد استقلالها السياسيَّ.
****
وهكذَا، وكمَا يتساءل أحدُ الكُتَّاب: كيف لم يقتنع العروبيُّون، بأنَّهم كانوا يرتادُون السراب، وبأنَّ الطغاة الذين ساندوهم، وقدَّسوهم حتَّى جعلوا أشخاصهم أهمَّ من أقطارهم، ومن أمَّتهم، ومن تحقيق المبادئ السامية التي كانوا يرفعونها شعاراتٍ جوفاءَ يعملُون في الواقع بنقائضها، هم السبب الرئيس لتشظِّي الأمَّة وهزائمها وتخلّفها المزمن!
#نافذة:
الشعور بالدونيَّة الذي يجعل الشعوب تميل لحكام أقوياء يحرمونهم من حرياتهم، قد تكون عدوى تسرَّبت في الهواء، واستنشقها الإنسان العربي.. فعشِق الاستبداد!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store