نظام أحمق!

يعتبر التفكير في بعض المجتمعات تهمة يطلقها المتشددون وأصحاب الفكر الإقصائي على غيرهم، ويطالبون بإنزال أشد العقوبة على مخالفيهم. وقد لا يعرف البعض أن الفيلسوف «سقراط»، الذي كان يُلقب بالمُعلم الأول صدرالحكم بإعدامه في دولة أثينا القديمة، بعد اتهامه بثلاث تُهم خطيرة هي:
إفساد عقول الشباب بدعوتهم إلى التفكير،
عدم الإيمان بآلهة المدينة،
التعاون مع أعداء البلاد.
هذه التهم تتكرر اليوم في معظم المجتمعات التي يحتكر فيها التفكير ثلة من المنتفعين من استمرار النظام السياسي القائم الذين يستأثرون فيه بالنفوذ، فلا يسمحون لغيرهم بمشاركتهم في هذا الامتياز.
** **
وهكذا فإن القانون الاقتصادي الذي يقول إن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، يحدث أيضاً على المستوى السياسي حيث نجد أن أصحاب الفكرالعاقل المتزن لا يستطيعون الصمود أمام أصحاب الفكر الغوغائي الذي يستهوي العامة والدهماء.. لذا ينسحب هؤلاء بهدوء، أو يتم تلفيق التهم لهم لإخراجهم من الساحة، وإلقائهم في السجون والمعتقلات.
***
وإذا كان أصحاب الفكر المتشدد يتسربلون برداء الدين في بعض المجتمعات، فإنهم يظهرون بمظاهر مختلفة في مجتمعات أخرى، وينجحون في استمالة الغوغاء والدهماء، الذين يشكلون الأغلبية في المجتمع. ولعل هذا النهج هو الذي دعا «سقراط» إلى اعتبار الديموقراطية، التي هي حكم الشعب لنفسه بنفسه، بأنها أسوأ أنواع الحكم السياسي.
***
وفي النهاية إن هدف أي نظام مهما اختلف شكله هو تحقيق مبادئ أو ممارسات لو توفرت في المجتمع فإنه لا يهم المُسمى الذي يُطلق على هذا النظام، ومن هذه المبادئ احترام رأي الأغلبية، والحرص على الأقلية وحمايتها، والإقرار بأن الاختلاف والتنوع والاعتراض هي أمور إنسانية إذا غابت عن جماعة ما، غاب معها الطابع الإنساني الضامن لبقائها ولحريتها ولمستقبلها.
#نافذة:
[الديمقراطية هي نظام سياسي يديره بعض الحمقى!]
أفلاطون