Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حين يرحل الأطفال.. يحضر البكاء على الأطلال

الأطفَالُ فِي حضُورهم تَعبٌ؛ وفِي غِيَابهم تَعبٌ، فهُم إنْ غَابُوا أَتعَبُوا القَلَبَ، وإنْ حَضرُوا أَتعَبُوا الرَّأسَ، وأَصَابُوه بالصُّدَاع..

A A

الأطفَالُ فِي حضُورهم تَعبٌ؛ وفِي غِيَابهم تَعبٌ، فهُم إنْ غَابُوا أَتعَبُوا القَلَبَ، وإنْ حَضرُوا أَتعَبُوا الرَّأسَ، وأَصَابُوه بالصُّدَاع.. وهَذه عَاطِفَةٌ إنسَانيَّةٌ تَتوَارَد عَلَى كُلِّ أَبٍ وأُمٍّ؛ سَليميْن فِي عَاطفتهما، وفِي حُبِّهما، وفِي حَنَانهما..!
وإذَا تَدبَّرتَ ديوَان الشِّعر العَربيِّ، ستَجد عَشرَات القَصَائِد التي تَصفُ الأطفَالَ ومَحبَّتهم، والحَنين إليهم فِي حَالتيْ الحضُور والغِيَاب، مِنهَا قَصيدَة للشَّاعِر السُّوري، «عمر بهاء الدين الأميري»، الذي شَحنها بحَنينه لأَولَادهِ، بَعد أَنْ سَافروا وتَركوه وَحيدًا، الأَمر الذي جَعَل شَيخنا «عبَّاس محمود العقَّاد»، يَصف تِلك القَصيدَة بقَوله: (لَو كَان للأَدب العَالمي دِيوَان، لكَانت هَذه القَصيدَة فِي طَليعته).. يَقول شَاعرنا «الأميري»:
أَينَ الضَّجيجُ العَذبُ والشَّغبُ؟
أَينَ التَّدارسُ شَابهُ اللعبُ؟
أَينَ الطّفولةُ فِي تَوقُّدِها؟
أَينَ الدُّمَى فِي الأَرضِ والكُتُبُ؟
أَينَ التَّشَاكُسُ دُونَما غَرَضٍ؟
أَينَ التَّشَاكِي مَا لَهُ سَبَبُ؟
أَينَ التَّبَاكِي والتَّضاحُكُ، فِي
وَقْتٍ مَعًا، والحُزنُ والطَرَبُ؟
أَينَ التَّسَابُقِ فِي مُجاورَتي
شَغَفًا، إذَا أَكلُوا وإنْ شَربُوا؟
يَتَزاحمُونَ عَلَى مُجالستِي
والقُربِ مِنِّي حيثُما انقَلَبُوا
يَتوَجَّهونَ بسَوقِ فِطْرتِهم
نَحْوي إذَا رَهبُوا وإنْ رَغبُوا
فنَشيدُهُم «بَابَا» إذَا فَرحُوا
ووَعيدُهُم «بَابَا» إذَا غَضِبُوا
وهتافُهُم «بَابَا» إذَا ابتَعدُوا
ونَجِيُّهُم «بَابَا» إذَا اقتَرَبُوا
بالأَمسِ كَانُوا مِلءَ منزِلِنا
واليَومَ -وَيح اليَوم- قدْ ذهبُوا
ذهَبُوا، أجَلْ ذهبُوا، ومَسْكنُهم
فِي القَلبِ، مَا شَطُّوا ومَا قَربُوا
إنِّي أَرَاهُم أَينمَا التَفَتَتْ
نَفسِي وقَد سَكنُوا، وقَد وَثبُوا
فِي كُلِّ رُكنٍ مِنهُمُ أثَرٌ
وبكُلِّ زَاويةٍ لَهُم صَخَبُ
فِي النَّافِذات، زُجَاجُها حَطمُوا
فِي الحَائِط المَدْهونِ، قَد ثَقَبُوا
فِي البَابِ، قَد كَسروا مَزَالجَهُ،
وعَليه قَد رَسَمُوا وقَد كتَبُوا
فِي الصَّحنِ فِيهِ بَعضُ مَا أكلُوا
فِي عُلبةِ الحلوَى التي نَهبُوا
فِي الشَطرِ مِن تُفاحةٍ قَضمُوا
فِي فَضلةِ المَاءِ التي سَكَبُوا !!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ أَقولَ: يَا قَوم، تَمتَّعوا بأطفَالِكُم قَبْل أَنْ يَرحلوا ويَكبروا، أَو تَرحلُوا أَنتُم وتَكبرون..!!
T: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store