Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

دوغا: التعليم بالطبيعة!

• في العام 2002 قرر مدرس الكيمياء التركي (فتحي شيمشك) إنشاء مدرسة صغيرة في ضاحية (بيكوز)، وهي منطقة تقع على بعد 40 كم من الشمال الشرقي لإسطنبول، وتتميز بغاباتها وأحراشها الكثيفة.

A A
• في العام 2002 قرر مدرس الكيمياء التركي (فتحي شيمشك) إنشاء مدرسة صغيرة في ضاحية (بيكوز)، وهي منطقة تقع على بعد 40 كم من الشمال الشرقي لإسطنبول، وتتميز بغاباتها وأحراشها الكثيفة. ورغم أن الرؤية المبدئية للمدرسة - الخارجة عن المألوف - والتي أطلق عليها اسم (دوغا) كانت تنص على تعليم قِيَم «الديمقراطية والحرية والابتكار والإبداع»، إلا أن اختيار الدراسة في الطبيعة كان من ضمن الآليات والوسائل التي وضعها المؤسسون من أجل تحقيق رؤيتهم التعليمية الفريدة في بناء إنسان قوي علميًا وعمليًا من خلال ارتباطه بالأرض والطبيعة.
• (دوغا) بالتركية تعني «الطبيعة».. ولو قُدّر لك مشاهدة الأطفال وهم يتعلمون ويأكلون ويلعبون، ويتعاملون مع الطبيعة بأرضها ونباتاتها وحيواناتها، لأدركت سر نجاح هذه المدرسة التي فاز سبعة من طلابها بجوائز على مستوى تركيا، وفازت هي نفسها بالعديد من الجوائز المحلية والعالمية!. عندما دعانا السيد (شيمشك) لتناول طعام الغداء في المطعم الريفي الجميل الملحق بالمدرسة (كل وجباته من الطبيعة) كان يتحدث بحماسة وفخر واضحين عن (بيداغوجيا) التكوين في مدرسته، وعن المناهج الأخلاقية والدينية التي يُدرِّسونها للطلاب بالتوازي مع برامج الرياضيات والعلوم والفضاء، حيث تتعاون (دوغا) مع وكالة (ناسا)، ومع العديد من المصانع والشركات الأوروبية الشهيرة التي عقدت معها شراكات وبرامج تأهيل للطلاب.
• أكثر شعراء العرب والترك فصاحة لا يمكن أن يصفو لك جمال منظر الأطفال وهم يتعلمون في الهواء الطلق، وسط قطعان الغزلان والطيور الصغيرة.. وأكثر أطباء أوروبا خبرة ومهارة لا يمكن أن يلمّوا بكل فوائد أجواء كهذه في تكوين طالب متمكن علميًا، ومتوازن نفسيًا وجسديًا وعقليًا.. لكن المدارس التي جمعت بين أحدث المباني وأبسطها والتي تستقبل طلابها من التاسعة صباحًا وحتى الرابعة عصرًا تتخللها ساعة للغداء، والتي تُعاقب المقصرين من طلابها بالعمل في الحقل والاحتطاب، أثبتت ذلك عمليًا من خلال تحقيقها لما عجزت عنه كثير من المدارس الأكثر منها مالًا والأطول عمرًا.
• تقول إحدى المعلمات: مبدع واحد يستطيع تغيير مستقبل أمة.. لذلك نحاول أن نصنع هذا الطالب في دوغا.. اختبارات المواهب لدينا تبدأ من ٤ إلى ٦ سنوات، وجميع الطلاب هنا يدرسون العلوم والفنون الهندسية منذ البداية.. كذلك نعلمهم القيادة وننمي شخصياتهم.. تركيا كلها تتجه لصناعة المبدعين، والطبيعة خير معين لنا على هذا الهدف.. نحن نقوم بعمل اختبارات ذكاء دورية، ونصنع برامج خاصة للطلاب بناء على نسب ذكائهم.. وفي نهاية العام نستأجر طائرة ونقوم بتسليم الشهادات للمتفوقين في الطائرة تكريمًا لهم.
• أخيرًا، وقبل أن تذهب -عزيزي القارئ- للبحث عن صور لهذه المدرسة المدهشة على الإنترنت، دعني أقول لك إن (دوغا) التي بدأت قبل 15 عامًا فقط بـ»مدرسة صغيرة» بها (400) طالب فقط، تملك اليوم سلسلة تضم أكثر من 116 مدرسة، يزيد عدد طلابها عن 900 ألف طالب!. هل آمنتم أن التعليم لا ينهض به إلا المخلصون؟.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store