Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

آباء غير مؤهلين

من أكثر المشكلات التي تؤرِّق العديد من المجتمعات في العالم هو العنف ضد الأطفال، والذي يعرِّفه الأطباء بأنَّه أي إصابة جسميَّة أو نفسيَّة أو عقليَّة، أو حتَّى عدم رعاية للأطفال دون الـ18 عامًا، ووفق تق

A A
من أكثر المشكلات التي تؤرِّق العديد من المجتمعات في العالم هو العنف ضد الأطفال، والذي يعرِّفه الأطباء بأنَّه أي إصابة جسميَّة أو نفسيَّة أو عقليَّة، أو حتَّى عدم رعاية للأطفال دون الـ18 عامًا، ووفق تقارير المنظمات الدوليَّة والإنسانيَّة المعنيَّة بالطفولة، فإنَّ هناك الملايين من الأطفال في أنحاء متفرِّقة حول العالم يتعرَّضون لأشكال كثيرة من العنف من جانب الآباء، أو الأمهات، أو فئات أخرى؛ ممَّا يجعل نشأة وتربية ونمو هؤلاء الأطفال محفوفًا بالمخاطر، سواء على المستوى الجسدي، أو على المستوى النفسي.
من أسباب العنف ضد الأطفال وجود الطفل مع أبوين يعاني أحدهما، أو كلاهما، من اضطهاد طفولي مسبق؛ ممَّا يجعله يعتبر أن اضطهاده هو لأطفاله هو أمر طبيعي. من جانب آخر فإنَّ بعض أولياء الأمور قد يتعرَّض لضغوط اجتماعيَّة أو ضغوط في العمل فيقوم -وللأسف- بتفريغ شحنات غضبه، وأحزانه في ضرب واضطهاد أطفاله، وهناك بعض أولياء الأمور ممَّن قد يعاني من تعاطي المشروبات الكحوليَّة، أو إدمان المخدِّرات، ويساهم هذا الإدمان في العدوانيَّة تجاه العائلة والأطفال بشكل خاص، كما أنَّ التنافر بين الزوجين، ووجود الخلافات قد تؤدِّي إلى محاولة قيام أحد أولياء الأمور بتصفية حساباته مع الطرف الآخر، من خلال الاعتداء والعنف ضد الأطفال.
بعض أولياء الأمور في المجتمعات العربيَّة تعتقد أن العنف ضد الأطفال هو منهج تربوي، وأن تربية الطفل لا تكتمل بدون عنف، أو ضرب، أو إهانة فتجد أطفالاً صغارًا يُضربون ضربًا مبرحًا في الأسواق، والمطاعم، والحدائق، والأماكن العامَّة؛ لأنَّهم أرادوا اللعب، أو الاستكشاف. وقد لا يقتصر العنف ضد الأطفال على الاعتداء الجسدي، بل هناك الإهمال والاضطهاد النفسي والعاطفي، مثل التفرقة بين الأبناء في التعامل والاهتمام، أو التفرقة في الحب بين الأولاد والبنات، وقد يصل العنف أحيانًا ضد بعض الأطفال الصغار إلى الاعتداء الجنسي.
تؤكِّد الدِّراسات المتخصِّصة أن 95% من الذين يمارسون العنف ضد الأطفال لديهم اضطرابات نفسيَّة أو شخصيَّة، وهذا يقودنا إلى أهمية أن يكون هناك اختبارات دوريَّة لأولياء الأمور للتأكُّد من أهليتهم وإمكانيَّاتهم وقدراتهم على تربية الأطفال التربية السليمة، فالسكوت على وجود مثل هذا العنف ضد الأطفال من قبل بعض أولياء الأمور المضطربين نفسيًّا قد يؤدِّي مستقبلاً إلى مضاعفة هذا العنف لتنتج منه جريمة قد يندم عليها جميع أفراد العائلة، أو قد يساهم في إيجاد جيل يعشق العنف والإرهاب، ولذلك لابدَّ من تفعيل دور الجهات الرسميَّة والأهليَّة لطرح مبادرات اجتماعيَّة لتوجيه أولياء الأمور نحو الأساليب التربويَّة الصحيحة، والتأكُّد من سلامتهم من أيِّ اضطرابات نفسيَّة أو شخصيَّة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store