Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مؤشر خطير

رغم أن القس تيري جونز الذي أعلن اعتزامه حرق المصحف الشريف ثم تراجع بعد ذلك، ليس إلا راع لكنيسة صغيرة يقدر عدد أتباعها بالعشرات، فإنه من غير الموضوعي فصل إعلان جونز المشار إليه، عن سياق الحرب السياس

A A

رغم أن القس تيري جونز الذي أعلن اعتزامه حرق المصحف الشريف ثم تراجع بعد ذلك، ليس إلا راع لكنيسة صغيرة يقدر عدد أتباعها بالعشرات، فإنه من غير الموضوعي فصل إعلان جونز المشار إليه، عن سياق الحرب السياسية والإعلامية ضد الإسلام . صحيح أن حجم ونوع الإدانات لإعلان جونز كان كبيرا وقويا خصوصا من قبل المؤسسات الكنسية والشخصيات الدينية المسيحية المرموقة في الغرب، إلا أن هذا لا يعني عدم وجود حرب على الإسلام يشنها الاستعمار ممثلا في أدواته السياسية والعسكرية والثقافية والإعلامية. وهو ما بات يعترف به عدد لا بأس به من مثقفي الغرب نفسه بالإضافة إلى بعض الشخصيات السياسية ثقيلة الوزن من أمثال رولان دوما وزير خارجية فرنسا إبان عهد الرئيس الأسبق فرانسوا ميتران . نعم .. فعلة جونز المؤججة للكراهية لا تمثل المسيحية الغربية ولا الشعوب الغربية نفسها، لكن عزل الفعلة عن مناخ العداء للإسلام في الغرب الذي تقوده مؤسسة الحكم الإمبريالية لأسباب تتعلق بالهيمنة لا بالعداء للدين الإسلامي نفسه، هو نوع من قصر النظر وعدم تقدير الأمور وفق ما تستحقه . فعلة جونز هي فعلة فردية، لكنها أيضا محصلة طبيعية لمناخ الكراهية الذي صنعته وتغذيه وسائل الإعلام الغربية ضد الإسلام . على سبيل المثال فإن شريحة عريضة من الشعب الأميركي لم تكن لتصدق الشائعة التي تقول بأن الرئيس باراك أوباما ليس مسيحيا بل مسلم يخفي إسلامه، لولا حملات الدعاية الشرسة ضد الإسلام والمسلمين . حسب عددها الصادر بتاريخ 20 / 8 / 2010 نشرت جريدة الشرق الأوسط تحقيقا مفاده أن 20% من الأميركيين يعتقدون أن أوباما مسلم كما ورد في دراسة مسحية أجراها مركز ( بيو ) لاستطلاعات الرأي ( قبل ) إعلان الرئيس موافقته على بناء مركز إسلامي بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي . الدراسة السابقة تشير إلى أن الذهنية الأميركية أصبحت أكثر إيمانا من أي وقت مضى، بنظرية المؤامرة في أكثر صورها سذاجة وبعدا عن الواقع . وهو ما أتمنى أن يلتفت إليه كتابنا الذين يصرون دائما على أن نظرية المؤامرة هي خاصية ذهنية ينفرد بها العقل العربي دون سواه من العقول. ظهور تيري جونز مؤشر خطير لا يمكن التغاضي عنه

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store