Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حول تأهيل العمالة.. وكذلك قطاع الأعمال

عندما قرأت في إحدى الصحف أن وزارة الصحة أرسلت بعثة منها إلى باكستان لتوظيف واستقدام أكثر من ألف طبيب للعمل في مستشفياتها وعياداتها تملكني حال من الوجوم..

A A

عندما قرأت في إحدى الصحف أن وزارة الصحة أرسلت بعثة منها إلى باكستان لتوظيف واستقدام أكثر من ألف طبيب للعمل في مستشفياتها وعياداتها تملكني حال من الوجوم.. إذ كيف يمكن لوزير العمل الجديد أن يقنع القطاع الخاص بتوظيف السعوديين بينما تسعى أجهزة الدولة إلى توظيف أعداد كبيرة من غير السعوديين.. وزارة الصحة تبحث عن أكثر من ألف من الأطباء من باكستان، فهل هي ساعية أيضًا إلى توظيف بضعة آلاف من دول (صديقة) أخرى.. وإذا ما كان هذا ما تعمله وزارة الصحة، فهل هناك وزارات أخرى ترسل بعثات توظيف إلى دول العالم (الصديق)؟ لدينا جامعات يتخرج منها آلاف الأطباء، فهل هؤلاء الخريجون غير مؤهلين للعمل في وزارة الصحة ومستشفياتها، وإذا كان الأمر كذلك فهل الوزارة عاجزة عن (مساعدة) كليات الطب في الجامعات حتى تتمكن من وضع مناهج وبرامج تؤهل الخريجين لسوق العمل في الوزارة وتوابعها؟! في نفس الوقت تقريبًا الذي كنت أقرأ فيه خبر بعثة وزارة الصحة في باكستان تصادف أن إحدى قريباتي وزوجها المتخرجين حديثًا من كلية الطب بالجامعة أخبراني بأنهما نجحا بعد مقابلة مع لجنة كان على رأسها الصديق الدكتور عبدالله دحلان بالفوز بوظيفتين في جهة قطاع خاص يرأسها الدكتور، كل منهما في موقع منفصل عن الآخر، فاتصلت بالدكتور عبدالله دحلان لأشكره وأستفسر عن العمل الذي سيقومان به؟ ورد علي بأنه لم يكن يعلم بأن الدكتورة المعنية قريبتي وأوصت اللجنة بتوظيفها وزوجها بناءً على مؤهلاتهما ونتائج المقابلة الشخصية مع اللجنة لكل منهما.. وقال: إن الطريقة التي تعمل بها مؤسسته هي أنهم يدفعون أولًا راتبًا أعلى بكثير مما يدفعه القطاع الخاص (وهو ما أكدته قريبتي وزوجها بناءً على تجربتهما في السعي للعمل بالقطاع الخاص) وأن هناك طبيبين أجنبيين يعملان الآن في الوظيفتين اللتين سيشغلهما الطبيبان السعوديان، إلا أن برنامج إحلال السعوديين لديه يتضمن بقاء العاملين الأجنبيين لستة أشهر من يوم تسلم السعوديين لوظيفتيهما يتم خلالها تدريبهما وتأهيلهما للحلول محل الطبيبين الأجنبيين.. وبصراحة أعجبت بهذا الحرص ليس على إحلال السعوديين في الوظائف التي يشغلها العامل الأجنبي فحسب بل وتحمل نفقات ستة شهور لضمان إعداد السعودي للعمل في الوظيفة المعنية بشكل أفضل. الدولة توفر عبر صندوق خاص إغراءات لرجال الأعمال لتوظيف السعوديين ويمكن للجميع الاستفادة منه، وسيكون من الأفضل أن يتحملوا تكلفة أخرى في إعداد من سيعملون لديهم لأن الفائدة على المدى المتوسط والبعيد ستكون أفضل بالنسبة لهم ولأبنائهم (ذكورًا وإناثًا) من الشباب السعودي.. أما وزارة الصحة فإنها بحاجة إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه الطبيب السعودي، والمساهمة المباشرة مع الجامعات في إعداد الخريجين منها ليكونوا أكثر ملاءمة لسوق العمل في مستشفياتها وعياداتها.وأخيرًا.. نداء إلى وزارة العمل بالنظر بجدية إلى تحديد حد أدنى للأجور، فالمستوى المتدني للأجور يؤدي إلى ناتج متدنٍ للخدمات. وما لم تفرض حدود أفضل للأجور فإن مستوى العمالة، بما فيهم الموظفون الذين يشكلون الطبقة المتوسطة في البلاد، سيكون ضعيفًا على قدر أجورهم الضعيفة.قيمة المشروعات التي تطرح من قبل الدولة أصبحت ببلايين وعشرات البلايين من الريالات، والملاحظ أن هناك عددًا محدودًا جدًا من القطاع الخاص الذين يستفيدون من هذه المشروعات، وسيؤدي استمرار هذا النهج في ترسية المشروعات الضخمة لرجال الأعمال الضخام إلى بقاء القطاع الخاص رهينة لرؤوس أموال ضخمة، تواصل تضخمها، بينما الأغلبية الكبيرة من المؤسسات الصغيرة ورجال الأعمال يشكون من العجز عن تحقيق أحلامهم في مداخيل أفضل.وهناك رجال أعمال تتوفر لديهم الأموال والخبرات ولكنهم يجدون صعوبة في الحصول على مشروعات كبيرة أو تنفيذ مشروعات تتطلب قروضًا لمصانع يرغبون إنشاءها.. وبالتالي فإن رؤوس الأموال هذه ستبحث عن فرص خارج الحدود. والحديث الذي نسمعه بين الحين والآخر عن أن المؤسسات الوطنية القادرة على تنفيذ المشروعات الكبيرة عددها محدود جدًا ليس دقيقًا.. فالمؤسسات الضخمة التي تستفيد من مشروعات بلايين الريالات لم تولد ضخمة وإنما نمت بعد أن حصلت على رعاية خاصة.. وليس ببعيد ما كانت تقوم به أرامكو سابقًا من تشجيع وبناء مؤسسات ورجال أعمال يوفرون لها الخدمة حسب المستويات التي تطلبها بل وتساعدهم أرامكو في تنفيذ الأعمال المطلوبة أكان عبر التسهيلات المالية أو توفير الاستشارات الفنية.. ومثل هذا الأمر يمكن أن تقوم به أي جهة معنية بتنفيذ مشروعاتها بشكل جيد عبر شركات وطنية. ومشروع مطار الملك عبدالعزيز أحد المشروعات الضخمة الذي أثيرت حوله تساؤلات فيما يتعلق بكفاءة الشركات الوطنية التي تقدمت لتنفيذه وقيل: إن هناك ثلاث شركات تقدمت بأسعار (طبعًا بالبلايين) قد تكون ضمن التقديرات التي وضعها الاستشاري، ولكن التساؤل هو فيما إذا كانت أي منها تملك من المؤهلات الفنية التي يمكنها بها من تنفيذ مشروع المطار الموعود على أكمل وجه، أم أن هناك عوائق ستظهر مستقبلًا تؤثر على المشروع سعرًا وزمنًا.أعتقد أنه حان الوقت لأن يعاد النظر في كيفية تنفيذ المشروعات الضخمة والرعاية المطلوبة من الدولة للقطاع الخاص.. إذ يمكن تجزئة المشروعات إلى وحدات أصغر، وتشجيع عدد أكبر من الشركات الوطنية على تنفيذها.. إذ أنه بدون رعاية الدولة لقطاع الأعمال في البلد فإن الفارق بين الثراء الفاحش للقلة القليلة وباقي الناس ستتوسع وتؤدي إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية في المستقبل. ولست أدري من هي الجهة المطلوب منها مثل هذه الرعاية، أهي وزارة المالية أم مجلس الوزراء أو إنشاء هيئة خاصة تحت إشراف مجلس الوزراء يعهد إليها بتصحيح المسار الاقتصادي للبلاد وإعادة توجيهه إلى الطريق الذي يحقق توجهات قـــادة البلاد نحو تعميم الرفاهية وتقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.ص. ب 2048 جدة 21451 adnanksalah@yahoo.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store