السمعة الحسنة.. ليست بالنوايا الحسنة

فيما كانت طائرات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية تمطر سماء برلين بوابل من القنابل واللهب.. كان الألمان يقفون بانتظام أمام بوابة واحد من القطارات المسافرة إلى أسبانيا المحايدة.. هناك حيث الأمن والسكينة.فجأة يتقدم رجل يحمل طفلا صغيرا نحو بوابة العربة في محاولة لتجاوز الرتل الطويل.. كان ذلك قبل أن يصرخ واحد من الحضور:عد إلى نهاية الصف.. لقد خسرنا الحرب ولكن لن نقبل أبدا أن تخسر الأمة الألمانية سمعتها الحسنة كشعب يعشق النظام.وماذا كانت النتيجة..؟!قتل هتلر قرابة المائة مليون أوروبي فيما ترفع القبعات احتراما وتقديرا للشعب الألماني.سمعة الشعوب هذه ليست حكاية جديدة.. حيث يمكن التفريق وبسهولة بين سمعة الحكومات وسمعة شعوبها.. ألا تصلح أمريكا أن تكون أنموذجا لحديثنا؟!هل تسمح هذه المقدمة الطويلة بالحديث عن سمعتنا كشعب سعودي؟.. وهل يمكن أن يكون الحديث خارج مضمار السمعة العالمية للشعوب العربية..؟!أبداً مهما أطلنا التطبيل بالخصوصية لا يكفي لتقييم أنفسنا أن نسأل فقط أنفسنا.فأن تسأل إنسانا أيا كان من هذا العالم عن الشعب الألماني.. فسرعان ما ترتسم في مخيلته معامل السيارات والمعدات الطبية.. لا أحد سيتذكر دبابات هتلر وأفرانه.أن يكون السؤال عن بريطانيا ستتصدر مدينة الضباب لندن بمتاحفها وأسواقها وشعبها العاشق للنظام.. بعيدًا عن تاريخها الاستعماري الدامي.أن يكون حديثا فرنسيا فسرعان ما تفوح منه عطور باريس وميادينها الرائعة وبرج إيفل وقوس النصر.. وستختفي جحافل نابليون وحملاته.ولكن ماذا لو كان حديثًا سعوديًا..؟!أتراه برميل نفط محكم الإغلاق.. أو رجل يسير وخلفه أربع نساء واحدة ظاهرة للعيان وثلاث محجوبات.. وربما أبراج تناطح السحاب وعقول تزحف على الرمال.. أم تراه سائحا يركض خوفا من جيب الهيئة أو الجوازات.. أبدو اليوم متعطشة لجلد الذات أليس كذلك..؟!صدقوني لست مدمنة سياط.. لكنها الحقيقة ترفض إلا أن تسير عارية..!ختاما: هوية الأوطان وسمعتها تنسج بالفكر المنير والإخلاص بالعمل والانتماء إليه إذ لا تكفي النوايا الحسنة فقط.. وعلى ضوء ذلك نتساءل: أين نحن من غيرنا..؟!