Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عبدالله بن عبدالعزيز: الملك الزعيم

لم أُفاجأ أبدًا باختيار مجلة فوربس الاقتصادية الملك المفدى في قائمة الزعماء العشرة الأكثر نفوذًا في العالم كله، في استقصاء ضم أقوى سبع وستين شخصية في العالم.

A A
لم أُفاجأ أبدًا باختيار مجلة فوربس الاقتصادية الملك المفدى في قائمة الزعماء العشرة الأكثر نفوذًا في العالم كله، في استقصاء ضم أقوى سبع وستين شخصية في العالم.كنتُ كثيرًا ما أُحاور السياسيين والفلاسفة والمفكرين في أمريكا، خلال بعثتي في الثمانينيات، وخلال فترتي التفرغ العلمي الأولى والثانية، وعملي أستاذًا زائرًا بجامعة كاليفورنيا سانتا باربارا، وكثيرًا ما سمعته طرحًا يقول: إن أمريكا هي زعيمة العالم الحر، والاتحاد السوفيتي -في ذلك العهد- زعيم العالم الاشتراكي، والمملكة العربية السعودية زعيمة العالم الإسلامي. ولم يكن ذلكم طرح عامة الناس في أمريكا، بل خاصتهم من المثقفين. لذا لا يتفق كثير من هؤلاء مع المقولة السائدة بأن العالم اليوم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، يعيش مرحلة (القطب الأوحد)، إذ إن عقلاء أمريكا والغرب عمومًا ما زالوا ينظرون إلى المملكة العربية السعودية على أنها قطب عالمي مهم، أو فائق الأهمية، فهي زعيمة العالم الإسلامي في العصر الحديث: كانت وما تزال وستبقى إن شاء الله. وفي ضوء هذا الواقع، يمكن تفسير كثير من الأحداث من حول المملكة العربية السعودية، خصوصًا في الأسابيع القليلة الماضية، وما شهدته من محاولات من أطراف لا يجهل كل ما كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد مراميها وأهدفها. وممّا سمعته في أمريكا في زيارتي الأخيرة في مطلع 2009م مقولة حكيمة تقول (إن كل زعيم قائد، ولكن ليس كل قائد زعيمًا). فقد شهد التاريخ الكثير من القادة، ولكنه لم يشهد إلاَّ القليل من الزعماء الذين يخلّد ذكرهم ولا ينساهم الناس.وذكر كثير من المفكرين الذين جلستُ إليهم أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز زعيم وليس ملكًا وقائدًا فحسب، وقد اتفقت مع هذه المقولة وعمّقتها بين المتحاورين بأن قلت: إن الزعامة لا تُفرض فرضًًا، وإنما تُكتسب اكتسابًُا، وكم من قائد في العالم سعى حثيثًا ليكون زعيمًا ولم يفلح، أمّا الملك عبدالله فقد جاءته الزعامة طائعة.اكتسب هذه الزعامة بنظرته الثاقبة إلى الداخل أولاً حين كانت أولى مقولاته بعد توليه مقاليد الحكم: (إن شعبي في عيني)، وقد مهّد لذلك بواقعيته القيادية حين زار الفقراء من أبناء شعبه، وأمر باتّخاذ الكثير من الخطى للقضاء على الفقر، ومن هذه الخطى: مدنه الاقتصادية، وصروحه التعليمية التي كان آخرها جامعة الملك عبدالله، ومن قبلها تأسيس أكبر عدد من الجامعات في تاريخ المملكة، ناهيك عن ابتعاثه الشباب بعشرات الآلاف إلى كل أقطار الدنيا.ونهض بالداخل السعودي أيّما نهضة تعليميًّا، وصحيًّا، واجتماعيًّا، واقتصاديًّا، وأمنيًّا إلى القائمة، فشهدنا ازدهارًا غير مسبوق.أمّا نظرته الخارجية فكانت أولى خطاها السعي الحثيث إلى ترتيب البيت العربي، فكان سبّاقًا إلى رأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية، والفصائل الصومالية، وسواها، كما كانت مبادرته لحل القضية الفلسطينية أشجع مبادرة أقدم عليها زعيم عربي، فأصبحت هي المبادرة العربية، وأربكت عدو العرب والمسلمين، وخلطت عليه كل الأوراق. ثم توالت مبادراته العالمية وكان أبرزها: الحوار بين أصحاب المذاهب، ثم الحوار بين أصحاب الأديان، بدأت المبادرة وانطلقت من مكة المكرمة، وانتشرت في بقاع العالم: في مدريد، ونيويورك وسواهما، ويشهد كل المفكرين في العالم أن هذه المبادرة تحديدًا حوّلت دفة شعوب العالم من وجهة الصراع إلى التفاهم والتعايش. ولأمر يريده الله، ولتوفيقه لعباده المؤمنين، لم يكتب أن تكون الدعوة للتعايش والحوار على يد زعماء الغرب، بكل ما يدعون إليه من حرية ومساواة وديمقراطية وحق المعتقد، بل كانت على يد الزعيم المسلم الأول في يوم الناس هذا: عبدالله بن عبدالعزيز. ناهيك عن إمساك هذا الزعيم بدفة الاقتصاد العالمي، إذ تحرص حكومته -يحفظه الله- على التوازن في أسعار النفط، خلاف التهوّر والاندفاع الذي يبديه منتجون آخرون لا يخفون على أحد.لم أُفاجأ أبدًا باختيار مجلة فوربس الاقتصادية الملك المفدى في قائمة الزعماء العشرة الأكثر نفوذًا في العالم كله، في استقصاء ضم أقوى سبع وستين شخصية في العالم. وكان -يحفظه الله- كما أوردت هذه المجلة العالمية ضمن الزعماء العشرة الأوائل الأكثر تأثيرًا في الناس، والتي تمتلك نفوذًا خارجيًّا قويًّا، وتتمتع بقدرة عالية على ممارسة السلطة. لم أُفاجأ، بل توقعتُ أن يكون ضمن الخمسة الأوائل لزعامته الداخلية والخارجية التي اكتسبها اكتسابًا، ولم يفرضها فرضًا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store