محرر "المدينة" تقمص دور "زبون" فسقطت "عصابة الخمور" في قبضة الشرطة

تقمص محرر «المدينة» دور»زبون» يبحث عن المسكرات وأفضل الأوكار، التي تقوم بتصنيعها على مستوى عال، وقام بجولة ميدانية شاقة في أحد الأودية خارج النطاق العمراني، وما قاده للجولة رصده عدد كبير من الجوالين على أطراف الأودية منها تخرج روائح كريهة ليكتشف أن الموقع مصنع للخمور تديره إحدى العصابات، ومن هنا كانت بداية الرحلة، حيث سعى للوصول إلى أحد أفراد العصابة لإزالة اللثام عن خباياها، وبعد صولات وجولات داخل الأودية لاحظ وجوده أحد أفراد تلك العصابة في المنطقة، وهنا أبدى المحرر رغبته في التعامل معه لشراء بعض الخمور، وصولا إلى سقوط العصابة في قبضة الشرطة.. فإلى تفاصيل الجولة.

لقائي وزعيم العصابة

بداية تحركي في الوادي لاحظت القلق والخوف يملأ وجه أحد أفراد العصابة، وأنه ليس له علاقة بما رأيته وبعد أن زرعت به الثقة بأنني «مجرد زبون» زودني برقم المسؤول عن تلك المصانع، وهو شخص يدعى «سعيد» من الجنسية الإفريقية «إثيوبيا»، وتم التواصل معه وأبديت له رغبتي بشراء زجاجة واحدة أنا وصديقي، وفي حال وجدت أنها ذات جودة عالية سوف أشتري منه كمية كبيرة وأوضح لي خلال اتصالي به أن سعر الزجاجة الكبيرة 150 ريالا والزجاجة الصغيرة بــ 50 ريالا، مشيرا إلى أن الموجود حاليا زجاجة كبيرة وحدد لي موعدا باللقاء الأول الخميس الماضي الساعة الخامسة عصرا بموقع مجاور لمصنعهم.

مفارقات ساخنة

وفي تمام الساعة الرابعة عصرا تنكرت بلبس شبابي لأزيح الشكوك لدى تلك العصابة، وتوجهت إلى الموقع ومعي مبلغ 1000 ريال، لم أتهيب المغامرة، وأنا قادم لمسرح استثنائي مليء بالمخاطر والمفارقات، التي لا تخطر على بال، وأمضيت لحظات بين نظرات العصابة على مداخل أوكارهم مراقبًا من عدة مواقع، والشكوك، التي تسيطر على أعينهم حاملين في أيديهم هواتف نقالة لإبلاغ مروج تلك الخمور عن أي أحداث قد تقع، مفارقات ساخنة عشتها في رحلتي حتى لا أبالغ لو قلت إنني قد أكون خارج موطني لوجود عدد كبير من الأفارقة، وقد أتعرض لسرقة قبل توثيق المشهد .

لحظات الدخول

وعند دخولي لتلك الأودية، والتي ينتصفها طريق زراعي اتصلت بـ»سعيد» المسؤول عن توزيع تلك الخمور، وأشار لي بالانتظار عدة دقائق عند أحد المواقع، التي حددها، موضحًا لي بأنه خلال 10 دقائق سوف يصل للموقع حاملا معه ما طلبته .

إجراءات دقيقة

وبعد عدة دقائق التفت لأجد عدة أشخاص حاملين هواتف متحدثين لشخص مجهول على مداخل ومخارج الموقع، والتفت لأجد شخص يتجول أمامي ليتأكد بأنني الشخص المعني ثم رن هاتفي لأجد بأن المروج يتصل بـ»سعيد» وما هي إلا لحظات حتى ظهر لي ومعه شخص آخر كانت نظراته لا تفارقني، وبعد أن طلبت منه ما جلبه لي استخرج من جيبه زجاجه «ماء» أفرغت من الماء وملئت بالخمر «العرق» ورائحتها فائحة، وأبلغني أن سعر الزجاجة 150 ريالا، وبعد مماطلتي له بالكلام من أين تجلبها قال بأنه يصنعها بنفسه وأنها ذات جودة عالية ونقية .

ورددت له بأن هناك مشتريا أخذها بنصف القيمة وبعد مفاوضات.. قال لي بأنه سيمنحها لي فقط بـــ 50 ريالا حتى أكون له زبونا دائما، وبعد أن أخرجت مبلغ 1000 ريال قاصدا بأن يراها، استلمت منه قارورة واحدة، وقلت له من الممكن أن أسافر خارج المنطقة وأرغب في كمية كبيرة منها للاستخدام الشخصي والترويج أيضا، فقال: «الكرتون الكامل بها 6 زجاجات كبيرة وسعها 900 ريال «وبعد تفاوضي معه، قال لي في حال رغبتك سأبيعها لك بـــ 750 ريالا، قلت له سأتواصل معك فيما بعد.

الإبلاغ عن الوكر

وبعد الحصول على قارورة الخمر غادرت المنطقة حاملا معي ما اقتنيته، وفي تمام الساعة السادسة مساء ذلك اليوم تواصلت مع الجهات الأمنية ممثلة في البحث الجنائي، والتي استجابت لبلاغي عن وجود وكر لترويج الخمور، وأعدت الكمين الأمني لضبط العصابة .

وبعد وصول الجهات الأمنية للوادي، تواصلت مع المروج «سعيد»، وأبلغته أن المنتج جيد وأرغب بشراء كمية كبيرة لترويجها حسب السعر المتفق عليه سابقا، وأوضحت له أنني متجه له بطريقي ومعي أصدقائي .

وخلال محادثتي مع المروج أشار لي أن هذا اليوم يكون حصيلة الأسبوع فهو يوم الخير بالنسبة له، وقد تصل الحصيلة إلى الآلاف من الريالات وأوضح لي أن زبائنه من الشباب وبعض من الوافدين، وقال لي إن يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع هي أفضل الأيام له في تصريف البضائع، وقال: إن أوقات الرواج تبدأ من بعد عصر الخميس حتى نهاية يوم الجمعة.

أجواء غريبة

عند الوصول للوادي فوجئت بأحد الشباب من الجنسية الإفريقية يخرج من إحدى المزارع يصرخ لآخر ويتحدث في الجوال ولم أر ملامح وجهه في الظلام الطامس، وقد وجهت له سؤالا: أنت «سعيد» قال لي من بعد عدة أمتار ليست أنا.. انتظر قليلا، توترت من أن ينكشف أمرنا، والتفت من حولي لأجد عددا كبيرا منهم داخل تلك المزارع، وهو ما أكد لي أنني كنت مراقبًا من لحظة دخولي للموقع.

عندها خفت أن ينكشف أمري حيث إنني أتقمص دور المشتري ومعي في سيارتي صديقي وعدد من جهات الضبط ومركبات أخرى تراقب من على بعد كيلو، وما هي إلا لحظات إلا وجاء المروج بشكل مفاجئ من وسط تلك المزارع ومعه شخصين آخران ويحمل معه سلاحا أبيض عبارة عن عصا بداخلها حديد ومعه الكمية التي طلبتها منه.

وبدأت في تفحص العينة لأشغله عما يثير شكه هو وشخصان آخران كانت نظراتهم لي مخيفة، وتلاحقني وعند استخراجي للمبلغ وتفحصي للعينات تم عمل الكمين وضبطه بعد أن كان يقاوم «المروج» لنستكشف بأنه مروج لعدد كبير من المصانع، وأقر للجهات الأمنية بوجود عدة مصانع في عدة مواقع منها قريب من أحد الجبال يصعب الوصول لها، وبين أن المواقع المفضلة للمروجين هي الأودية وخارج النطاق العمراني داخل المزارع والاستراحات .

تفاعل سريع مع البلاغ

تفاعلت الجهات الأمنية مع «المدينة» بعد تلقيها بلاغ «المحرر» حول وكر تصنيع الخمور، حيث باشرت بإرسال فريق أمني ذوي خبرة عالية للإطاحة بالعصابة وتتقدم المدينة بالشكر الجزيل للقيادات الأمنية بالمدينة المنورة على التعاون الدائم الهادف للحفاظ على أمن وأمان المنطقة.

مدير شرطة المدينة يدعو للإبلاغ عن التحركات المشبوهة

شدد مدير شرطة منطقة المدينة المنورة اللواء عبدالهادي الشهراني، على أهمية دور المواطن والمقيم في الإسهام وبشكل فعال في الإبلاغ عن أي تحركات وملاحظات مشبوهة، داعيًا أصحاب المزارع والمواقع إلى عدم تمكين المجهولين والمخالفين في البقاء فيها وممارسة الأنشطة المشبوهة.

الغنام: عثرنا على كميات من الخمور «مدفونة» داخل المزرعة

أكد المتحدث باسم شرطة منطقة المدينة المنورة، العميد فهد بن عامر الغنام، مداهمة مصنع للعرق المسكر أقامه إفريقي في إحدى المزارع بمنطقة الخليل، وأوضح أنه عثر داخل المزرعة على كميات كبيرة من الخمور المدفونة، بالإضافة إلى مواد التصنيع، مشيرًا إلى إتلاف المضبوطات والتحفظ على الشخص، الذي أقام المصنع وهو مجهول يدعي بأنه إثيوبي الجنسية.

​مشاهدات

•عدد كبير من الجوالين تم تخزينها في الموقع

• وجود عدد من الشباب بالقرب من الموقع

• تنظيم عال من قبل العصابة لتفادي كشف أمرهم

• مبالغ مالية كبيرة بحوزة أفراد العصابة

• وجود مصنع ذاتي لصناعة الخمور

• كميات كبيرة من قوارير المياه الفارغة المعبأة بالخمور