Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الرئيس.. والمستشارة ..!

في الذكرى العشرين للوحدة الألمانية ألقى الرئيس الألماني كريستيان وولف خطاباً ذكر فيه أن الإسلام قد أصبح مكوناً أساسياً من مكونات الشخصية الألمانية وأنه يفتخر بأن يكون رئيساً لكل الألمان بجميع أطياف

A A

في الذكرى العشرين للوحدة الألمانية ألقى الرئيس الألماني كريستيان وولف خطاباً ذكر فيه أن الإسلام قد أصبح مكوناً أساسياً من مكونات الشخصية الألمانية وأنه يفتخر بأن يكون رئيساً لكل الألمان بجميع أطيافهم بمن فيهم المسلمون، ولعل هذا الخطاب هو المرة الأولى التي يعترف فيها مسؤول ألماني رفيع المستوى بأن ألمانيا دولة متعددة الأعراق والديانات وأن الإسلام قد أصبح مكوناً أساسياً أصيلاً من مكونات النسيج السياسي والاجتماعي وليس ظاهرة مرتبطة بمجموعة من المهاجرين الأجانب.مقابل هذا الوعي والانفتاح الذي عبر عنه الرئيس وولف جاءت مبادرة المستشارة أنجيلاً ميركل، رئيسة الوزراء الألمانية إلى حضور حفل تكريم الرسام الدانمركي الذي نشر الرسوم الكاريكوتيرية المسيئة للرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، لتعبر عن استخفاف بمشاعر المسلمين وإهانة لأحاسيسهم خاصة وأن هذا التكريم جاء بعد سنوات عديدة من الحدث ولرجل لا ينتمي إلى الجنسية الألمانية وفي وقت تصل فيه المشاعر الإسلامية الجياشة ذروتها في أواخر شهر رمضان وقبيل عيد الفطر المبارك. عندما فاتحت صديقاً ألمانيا باندهاشي من تصرف المستشارة لم يتردد الصديق في التعبير عن استغرابه وامتعاضه من هذه الخطوة ولكنه مضى ليحاول تفسير المبادرة باللجوء إلى مبدأ حرية التعبير وكيف أن هذا المبدأ يشكل قيمة أساسية من قيم أوروبا عامة وألمانيا خاصة وأورد لي ما ذكرته المستشارة في خطابها حول ذلك.. أجبت الصديق بالاقتباس من الخطاب نفسه تتمة افكار للحوارحيث قلت له إن المستشارة في خطابها قد أدانت محاولة القس الأمريكي جونز إحراق نسخ من المصحف الشريف واعتبرتها تصرفاً قبيحاً مستهجناً حتى ولو كان يدخل في نطاق حرية التعبير، أفليست الإساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم مستهجنة حتى ولو وقعت في نطاق حرية التعبير؟ وعلى أقل تقدير هل تستحق أن تحظى بالتكريم على حساب مشاعر المسلمين وأحاسيسهم؟.هذان النموذجان من السلوك، نموذج الرئيس ونموذج المستشارة، يعبران عن حالة المخاض الفكري الذي تعيشه أوروبا حيال علاقتها بالمسلمين عامة والإسلام في أوروبا على وجه الخصوص، فأوروبا تدرك أن قيمها المبدئية التي تشتمل على الحرية والمساواة والديمقراطية لا تستقيم مع الفكر العنصري الشوفيني الذي ينتشر في بعض أطرافها، وأن مثل هذا الفكر هو الحاضنة التي أنجبت النازية والفاشستية وغيرها من التيارات التي عانت منها أوروبا الأهوال، وبالمقابل فإن أوروبا تراقب بقلق توجه بعض المسلمين فيها إلى التطرف والانعزال عن مجتمعاتهم إلى درجة تصل في بعض الأحيان إلى حد رفض تعلم اللغات الوطنية والتخاطب بها وإلى فرض أنماط من السلوك لا تتماشى مع طبيعة المجتمعات الغربية، مما يمكن أن يحول التعددية المحمودة في المجتمع إلى انعزالية تجزيئية تفتت المجتمع وتضعفه. إننا جميعاً مطالبون بألا نتوقف عند رفض ما لا نرتضيه من سلوك مستهجن في أوروبا سواء صدر من مستشارة أو من رجل الشارع البسيط، وعلينا أن نتعاون مع إخوتنا المسلمين في أوروبا على إيجاد الوسائل التي تساعدهم على الاندماج في مجتمعاتهم دون التخلي عن هويتهم ودينهم وبالطريقة التي تؤهلهم لأن يؤدوا دوراً إيجابياً مقبولاً في نهضة بلدانهم وإثراء ثقافتها بما يحملونه من فكر وثقافة وهم بذلك يصبحون إضافة إلى رصيد الأمة الإسلامية لا عبئاً عليها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store