Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

دورات الحياة الزوجية وأثرها السلبي

No Image

A A
إن من أكبر الأخطاء التي ارتكبها مؤسسي دورات الحياة الزوجية هو طرحهم وعرضهم لها كمنهج حياة ولم يعتبروها جهة مساندة في سياق المعرفة، ولذلك أقدموا على توزيع رخص لقيادة الأسرة وتأهيل مدربين على نفس النمط وتسميتهم بـ(المختص)، حيث نظروا لكل المعارف والمفاهيم الزوجية من زاوية طبيعة عالم الرجل والمرأة والتفاوت الفسيولوجي بينهما بل استخرجوا قواعد ومسلمات من خلال هذا الفهم، واصبح الدافع السلوكي والاخلاقي ناتج من تركيبة العالمين وبهذا ذابت القيم الدينية والاخلاقية ودوافعها. حيث أصبحت قيمة الاحسان هي نتيجة التركيبة والتجربة والبيئات المختلفة، وقيمة حسن الظن والتماس العذر للطرف الآخر هي ناتجة من تغيير الخرائط الذهنية لتخفيف التوتر فالعملية اصبحت ميكانيكية هندسية ليس لها علاقة بالتكامل الذي يسعى اليه كل من الرجل والمرأة لأن قواعدها معزولة تماما عن العمق الروحي والنفسي للانسان. ومن انعكاساتها السلبية على الزوجين هي جعل نظرتهم للحياة الزوجية نظرة آلية فنية فاقدة للعمق الديني والاجتماعي والعرفي والحقوقي مما خلق الندية بين الزوجين وأسقط روح التكامل الاخلاقي والمعنوي بينهما بحيث جعل كلا منهما ينشغل بتفاصيل تركيبة وفسيولوجية الآخر غير مباليا ومجتهدا لتطهير روحه وقلبه وتزكية نفسه لتأسيس جذور اخلاقية تنبع منها كل الصفات والسلوكيات الاخلاقية الراقية. فالاصلاح والاستقرار الأسري لا يتحقق بمعرفة عالم الرجل للمرأة والعكس وانما بإصلاح جذور الاعمال الاخلاقية لكل منهما لأن كل سلوك او ممارسة لها جذر اخلاقي في النفس تعتمد عليه فمن خلال التربية السليمة تتبلور الفضائل الاخلاقية وهذا ما كان يسعى الى تحقيقه جميع الانبياء والمصلحين.. بالطبع لا أحد ينكر وجود بعض الدعامات التي تحرك الانسان للفضيلة او الانتفاع ولكن قدرتها محدودة جدا في تحريك الانسان ودفعه لأنها مشوبه بالنقص وربما بالخطأ. ولهذا لا تنفع مثل هذه الدورات بأن يروج لها على انها منهج ومسار للحياة لأن الحياة الزوجية ليست بضع ساعات وانما حياة مقدسة تحمل عدة جنبات دينية واجتماعية وعرفية واخلاقية وروحية وعقلية ونفسية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة