Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عائض الردادي

نار الشتاء وتعرية البيئة

A A
نشرت جريدة الرياض تقريراً تحت عنوان «الشجر المحلي يقاوم الجفاف عقوداً وتحرقه شَبَّة المتعة في ساعات» وأوردت فيه تصريحاً لوكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة لشؤون البيئة قال فيه: إنه ضبط نحو 800 طن من الحطب المحلي خلال العام الماضي مع أن النظام قضى بإعفاء الحطب والفحم المستورد من الرسوم الجمركية حماية للغطاء النباتي المحلي، وأشار إلى الموافقة على إنشاء الشرطة البيئية.

الغطاء النباتي المحلي يتعرض إلى اجتثاث بسبب الممارسات البشرية الجائرة ومن أهم ذلك الرعي الجائر المبكر قبل اكتمال نمو النباتات بسبب عدم حمى مناطق النبات حتى ينمو، والحمى معمول به منذ العصر الجاهلي لأسباب منها أن يزهر النبات، وتسقط حبوبه لينبت في السنوات التالية، ومنها في الجبال أن يمتص النحل الرحيق ليصنع العسل، وإذا تُرك المجال فإن أهل الإبل سيرعونه فور نباته كما هو حاصل الآن مما سيؤدي إلى بيئة جرداء مستقبلاً إذا سقطت الأمطار.

أما السبب الثاني لتعرية البيئة فهو الاحتطاب الجائر لأشجار السمر والسيال من منطقة المدينة المنورة وشمالها حيث قطعت الأشجار المعمرة من أوديتها وجبالها وقد حمتها الأجيال السابقة على مدى قرون إذ كل فرد كان حامياً للشجرة مما لا يدع مجالاً للعبث بها، وقد ذكر في التقرير المشار إليه ان «دراسة أجرتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أشارت إلى أن حجم التدهور السنوي للغطاء النباتي نتيجة لاحتطاب أشجار السمر على سبيل المثال يقدر بنحو 3376 هكتاراً عام 1423هـ، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 33712 هكتاراً عام 1444هـ، مبيناً أن النتائج التي تشير لها الدراسات هي مؤشرات ولكن حجم المشكلة على مستوى المملكة أكبر مما ذكر.

ألا تستدعي هذه الدراسة زيارة سوق الحطب في المدينة المنورة، والسؤال للباعة: من أين جاءت هذه الكميات الكبيرة من الحطب؟ وكلها احتطاب لشجر أخضر، أم أن لوحة في بداية السوق كُتِبَ عليها (إن بيع الحطب المحلي ممنوع) كافية في معالجة الوضع، ألا يسأل أصحاب الشبَّات والاستراحات عن الكميات التي يحرقونها من أجل رؤية النار ودخانها من أين اشتروها ومن باعها لهم؟

المحتطبون لا يسلكون الطرق الرئيسة بل يسلكون طرقاً ترابية، ومن يحتطبون بالمناشير الكهربائية منهم مواطنون ومنهم عمالة، ويمكن رصد هؤلاء بدوريات تجوب الأودية وتراقب الأسواق وتصادر كل حطب محلي لأنه مخالف للنظام ولا يكفي أن البائع اشتراه، لابد أن يكون عنده اسم من باعه وأن يبلغ ألا يشتري ويبيع حطباً محلياً، وكذلك المرور على الاستراحات ومصادرة ما فيها ومعرفة مصدر الشراء.

ما لم يوجد تطبيق صارم للنظام فلن نرى شجرة في أوديتنا وجبالنا التي تزدان بالأشجار وبخضرتها إذا سقطت الأمطار وسيأتي الشتاء بكل تعرية لها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store