Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد عمر العامودي

حديث الأربعاء

A A
عم حسن، الذي سبق أنْ قدَّمته للقرَّاء مرَّات عديدة، هو أحد بقايا جيل قديم، ممَّن أفنوا حياتهم في خدمة الدولة، يوم كان الموظَّفون لا يحصلون على مرتباتهم إلاَّ أقساطًا، وفي أوقات الأزمات، يستلمونها زيتًا ودقيقًا وأرزًا. أحيل إلى المعاش منذُ أكثر من ربع قرن، بمرتب شهري كان وقتها كافيًا لتلبية احتياجاته، أمَّا اليوم فما يتقاضاه لا يكفي لفيزيتا طبيب، أو تكلفة تحاليل دوريَّة، أو روشتة لدواء ترتفع أسعاره بين اليوم والليلة.

* عم حسن الذي كان كبيرًا في زمانه، وموظَّفًا مرموقًا، لا شيء عنده اليوم يجعله في نظر الناس كذلك، فحاله يثير الشفقة، وإن بدا غنيًّا من التعفُّف. وهو يرفض بكبرياء أيَّ يدٍ تمتد لمساعدته. يدفعه عدم كفاية ما يحصل عليه من معاش إلى إعادة ترتيب احتياجاته بقسوة. لم يبق له شيء يعيد النظر فيه، حتَّى الدواء الذي يلازمه استعماله من أمد طويل، قلص تناوله.

* عم حسن.. قيل إنَّه وقع على الأرض مغشيًّا عليه، يوم تسلَّم فاتورة المياه الجديدة، التي حملت أعباء لا يقدر عليها. أخذ يقرؤها غير مصدِّق وهو يردِّد، لو كان «للسقا» وجود، لتعاملتُ معه، إنَّه أكثر رحمة وعدلاً من فاتورة شركة المياه.

* عم حسن.. لم يعد يطيق الحياة.. إذا دخل عليه أحدٌ يجده رافعًا يده إلى السماء يشكو بثَّه وحزنه إلى الله، يتمنَّى الموت على الحياة..

* عم حسن ليس وحده في مجتمعنا الذي يعاني من قلة الدخل، وارتفاع تكاليف المعيشة، فهناك الآلاف مثله. ويا أمان الخائفين!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store