Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل هذا كل ما لدينا ؟!

 من بعد شهر رمضان الفائت إلى لحظة كتابة هذه الأسطر لهذا اليوم زرت ست دول في شهر واحد تقريبًا!

A A

 من بعد شهر رمضان الفائت إلى لحظة كتابة هذه الأسطر لهذا اليوم زرت ست دول في شهر واحد تقريبًا!
كلما زرت دولة قلت في نفسي: هل يصعب علينا أن نوجد مطارًا محترمًا مثل (...) وهل يصعب أن نبني قطارات داخلية عملاقة في سنوات قليلة مثل (...) ونحن نبني (جسرًا) واحدًا في نفس المدة؟!
وأزور دولة أخرى فأقرأ عن النظم واللوائح في النظافة والنظام، وهي مطبقة من سنوات طويلة، ونحن ما زلنا نرفع إلى مجلس الشورى، لتقدير عقوبات من يؤذي الناس بالتدخين أو رمي القاذورات!!
ثم أزور دولة وألتقي مع مسؤوليها المعنيين في جهات عدة، وأجد تيسير الإجراءات، ووضوح المعاملات، ونحن ما زلنا من تعقيد إلى تعقيد في الإنجازات.
وأخرى نزورها فترى الحرية الفكرية المنضبطة، مع الحرية في عرض الانطباعات الشخصية، والاعتراض على التجاوزات، دون خجل أو خوف من أي جهة، ونحن بعد لم نحل قضايا حقوق الديون المسروقة، وقضايا عنف الأسر، فضلًا عن غيرها!
وتنظر إلى الواقع القريب جدًا فترى التجرؤ في اليوم الوطني الغالي على الجميع، بتحطيم المنشآت، والعبث بالسيارات، والبلاد الأخرى تموج بالمظاهرات السياسية السلمية بالملايين دون عصا تُرفع أو دم يستباح!
إنه في نفس المدة التي بنت فيها (دبي) مطارها الدولي الأضخم، وشبكة المطارات، وأكبر برج في العالم في أربع سنوات فقط، نكون نحن افتتحنا خطًا جديدًا مصحوبًا باحتفالية من أهل القرية أو المدينة!
وفي نفس المدة التي قلّصت فيها سنغافورة (البوذية) الفساد في عشر سنوات لتكون من بين خمس دول على مستوى العالم في الشفافية، نكون نحن (المسلمين) جمعنا ملفات أشخاص بسرقة المليارات، دون أن يعرف أحد!!
وفي البلاد الشيوعية التي فيها أكبر عدد سكان في العالم تقل كما في آخر تقرير رسمي نسبة الجرائم والتعديات الأخلاقية، ونحن نسجل رسميًا نسبة أعلى اختراق للمواقع الإباحية، وحوادث السيارات، وارتفاع نسبة التدخين!!
وفي سويسرا وخلال عشر سنوات حفروا أطول نفق في العالم طوله 57 كم، ونحن في نفس المدة نكون وسَّعنا نصف الطريق ليصبح خطين!
لقد كان الناس قديمًا يفكرون بالعيش الكريم وفق ما يسمعونه ويعرفونه، ويقولون: الحمد لله، نحن أحسن من غيرنا! ولكنهم اليوم يشاهدون ويسافرون ويطالبون بالتطوير والتغيير الذي أقضَّ مضاجعهم!!
هل ما يُطالب به أرباب التنمية والإصلاح الاجتماعي والحضاري صعب؟
هل هناك جهات لا تريد هذا التطوير الإيجابي لصالح الإنسان ومعيشته الكريمة؟!
ما السر إذًا وراء تأخرنا..؟!
هل سنشير بأصبع السبابة ونسب الإعلام التافه، والمسؤولين المتقاعسين، والنظم القديمة، وهل هذا كل ما لدينا؟!
أم أن لدينا تطلعات كبيرة، وإمكانيات ضخمة، ورغبات عظيمة، وسواعد قوية؟
أنا أعلم أن لدينا خيرًا كثيرًا، وتطورًا ملموسًا، وصلاحًا دينيًا عامًا، وانفتاحًا مقبولًا، ووعيًا حاضرًا، ولكن مرة أخرى هل هذا كل ما لدينا أسوة بغيرنا في التطوير الإيجابي؟!
وهل هم أفضل منا رغم أن إمكانياتنا أكبر، وجيناتنا واحدة كما قال د. أحمد زويل؟!
إننا بحاجة إلى إيجاد نماذج حية، ولو عبر مشروعات صغيرة تقول الحق، وتقدم الفكرة عمليًا، وتعرضها بثوب قريب من الناس.
ومن غير هذه المبادرات، لا نكون أعطينا كل ما لدينا ولا بعضه!

ali@4shbab.net

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store