Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد عمر العامودي

حديث الأربعاء

A A
يستشري مرضُ «الجوَّال» في مجتمعنا منذ سنوات بصورةٍ لافتة. ويُقال إنَّ العالم العربي يأتي على رأس الدول التي استوطن فيها هذا الداء. وتقول دراسة، إنَّ أكثر من عشر ساعات في اليوم يقضيها كبارنا وصغارنا مع «الجوَّال»، ولا تصدِّقوا أنَّهم يقضونها في شيءٍ مفيدٍ.. هدر للوقت، وتبديد لطاقات ثمينة.. قليلون الذين نجوا من شرِّ هذه البلوى، واستخدموا هذه الوسيلة في شيءٍ مفيدٍ.

* لقد أصبح «الجوَّال» جزءًا من حياة معظمنا.. يلازمنا أينما ذهبنا.. في الطَّواف حول الكعبة، وفي المساجد تشاهد مَن يشغله الهاتف عن العبادة. وفي ساعات العمل على حساب العمل. والنساء أيضًا غزاهنَّ الجوَّال بصورةٍ تفوق الرجل، ومنهنَّ اللاتي لا تبالين بأرواحهنَّ، يقطعن الشارع وعينهنَّ على شاشة الجوَّال، يسرن في المولات، والأسواق لا يشغلهنَّ شيءٌ سوى الجوَّال، والأسرة أخذت تُعبِّر عن ضيقها، بعد أن تغلغلت فيها هذه العادة.. لقد انفصمت العلاقة بينها، وهي تعيش تحت سقف واحد، الكلُّ من أفرادها ينتحي جانبًا ولا تسمع لأحدهم صوتًا، مشغولون بتلقي رسالة، أو متابعة «جروب». وفي اللقاءات الجماعيَّة الكلُّ في وادٍ.. تصوَّر أنْ يأتيك زائرٌ، يقضي كلَّ وقت الزيارة مع الجوَّال. لم يعد الأسلوب الذي نتَّبعه تواصلاً، بل قطيعة، وقطيعة دمها ثقيل، وكان صديقنا فلان على حقٍّ، حين أعلن لأصدقائه وهو يدعوهم على عشاء في داره أنْ يبقوا جوَّالاتهم في منازلهم، أو يبقوا معها، قالها بأسلوب ظاهره المداعبة. وفي المدارس يعبِّر المعلِّمون عن قلقٍ حقيقيٍّ لإسراف تلامذتهم في استخدام الهواتف خلال ساعات الدرس، ممَّا يصرفهم عن المتابعة، ويفقد المدرسة هيبتها، والمعلم حيثيته، وحين سأل أبٌ أحدَ صغارِه فيما إذا كان يفعل ذلك؟ لم يمهله.. ردَّ ببراءةٍ: حتَّى المدرس في الفصل يفعل ذلك يا بابا..!

* وآخر الأخبار، أنَّ دولاً كثيرةً اعترفت، بأنَّ الاستخدام السيئ لوسائل الاتِّصال أصبح مرضًا مستوطنًا، فافتتحت مستشفيات خاصة لاستقبال مدمني هذه الوسائل. وتتعامل معهم، بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع مدمني المخدرات، ويا لطيف!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store