Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

ماذا بعد ( الشعيرات ) ؟

A A
منح الرئيس الأميركي السابق ، باراك أوباما ، إجازة خلال عهده للنفوذ الأميركي الدولي ، وقدم صكاً لإيران الدولة المذهبية للتمدد ، على حساب السنة والعرب ، في مختلف أنحاء العالم العربي ، وفرض أجندتها السياسية والمذهبية . لذا كان إقدام دونالد ترمب على رد عسكري لاستخدام بشار الأسد أسلحة كيماوية لقتل شعبه ، مفاجأة للعديد من المراقبين وإعلاناً من واشنطن بانتهاء الإجازة وبداية مرحلة جديدة في السياسة الأميركية الخارجية ، وإن لم تتضح بعد ملامح هذه السياسة وما إذا كان (صك أوباما) الممنوح لإيران سيتم سحبه .

وحقيقة من المؤسف أن نشعر بالارتياح لقيام أميركا بضرب أحد المطارات السورية ، ولكن لابد مما ليس منه بد ، فالنظام السوري تحوَّل الى أداة عدوانية للهيمنة الإيرانية المذهبية على الدول العربية ، واستقدم مرتزقة من مختلف أنحاء العالم ، وجميعهم مذهبيون ، مثل حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني والعصابات الشيعية العراقية والباكستانية والأفغانية وغيرها ، واستغل حماية روسية جوية وبحرية وبرية لضرب شعبه وإبادة الرجال والنساء والأطفال وتهجير الملايين من مدنهم وقراهم .

عام 2013 أعلن الرئيس الأميركي حينها ، أوباما ، خطاً أحمر، إن تجاوزه بشار الأسد واستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه فإنه سيلجأ الى العمل العسكري نظراً لأنها أسلحة محرمة دولياً ويعتبر مستخدمها مجرم حرب حسب القانون الدولي . وتحدى الأسد تحذير أوباما وارتكب مجزرة في ( الغوطة ) حيث استخدم الكيماويات لقتل ما قدر بحوالي ألف وخمسمائة رجل وامرأة وطفل ، وإصابة آلاف غيرهم .. حينها تراجع أوباما عن تحذيره وأعلن عدم قدرته على استخدام أي رادع عسكري ضد سوريا ، وسارع الكرملين عند ذاك بتقديم حل استهدف الحفاظ على ماء وجه أوباما وأعلن أنه سيقوم بنزع السلاح الكيماوي السوري وتسليمه للأمم المتحدة . ومقابل ذلك اعتبر بوتين أن أوباما يقبل به راعياً للنظام السوري وحلفائه وأنزل جيوشه الجوية والبرية والبحرية الى سوريا .

الضربة الجوية الأميركية على قاعدة الشعيرات التي انطلقت منها الطائرات المحملة بالأسلحة الكيماوية وضربت أهالي بلدة ( خان شيخون) في إدلب استغرقت أربع دقائق فقط ، وأرسل الأميركيون بها عدة رسائل إحداها للنظام السوري بعدم استخدام السلاح الكيماوي .. والأخرى لروسيا بأن عليها الاستعداد للخروج بشكل مناسب.. وإلى إيران بأنه حان موعد إلغاء مفعول صك أوباما لها بحرية العمل في سوريا وباقي المنطقة العربية .. وإلى العالم بشكل عام ، بما فيها الصين التي كان ترمب يستضيف رئيسها ، بأن الإجازة التي أرغم أوباما أميركا على أخذها من السياسة العالمية الفعالة قد انتهت ، أو حسب التعبير الأميركي الذي استعمله أكثر من معلق غربي « إعلان بأن في البلدة «شريف» ( رجل أمن ) جديداً « .

ماذا الآن ؟ .. من المتوقع أن تلي هذه الخطوة تحديد أميركا لمناطق آمنة في سوريا ، يحتمل أن تكون إحداها في الشمال بالتعاون مع تركيا والأخرى في الجنوب بالتعاون مع الأردن ، وسيتطلب هذا الأمر حماية جوية للمناطق الآمنة وإدارة دولية على الأرض وموافقة روسية أو عدم ممانعة .. وهناك احتمال آخر بأن يعطي الأميركيون الإسرائيليين ضوءًا أخضر لضرب تجمعات حزب الله والحرس الثوري الإيراني وربما جماعات مرتزقة أخرى وذلك داخل سوريا .. ومن المؤكد كذلك أن يرفع الأميركيون مستوى دورهم في المفاوضات التي تدور حول السلام السوري .. وكل هذا قائمة طويلة ليس من المتوقع تحققها خلال وقت قصير .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store