Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

البناء المغشوش يحوِّل حلم "التمليك" إلى كابوس

No Image

A A
حذَّر مواطنون وعقاريون وقانونيون من 3 أنواع من المشكلات تعتبر بمثابة كوابيس تهدد أحلام مشتري شقق التمليك، تشمل ضعف جودة العقار لعدم التزام المستثمر بمواصفات ومعايير البناء والتشطيب والتمديدات والتوصيلات، والغش في المواد المستخدمة والأخطاء الإنشائية، وكذلك المشكلات التي تنشأ بين مالك الشقة والجيران حول بعض التفاصيل مثل تسرب المياه أوالخدمات والمرافق المشتركة، إضافة إلى العلاقة مع المستثمر الذي تولى تشييد وبيع العقار وبروز مشكلات من قبيل عدم التزامه بالصيانة. وطالبوا الجهات المعنية بتشديد الرقابة على الوحدات العقارية التي يتم بيعها للزبائن، والتأكد من مطابقتها للمواصفات المعتمدة، وكذلك إيجاد آلية تحكم العلاقة والتعامل بين المستثمر ومشتري العقار.

«المدينة» ناقشت مشكلات الشقق التمليك والتلاعب بمواصفاتها، مع عدد من الخبراء وذوي الاختصاص، عبر هذا الموضوع.

عقاري: تراجع الإقبال على «التمليك» والمشكلات الفنية أبرز الأسباب

أشار العقاري عبدالرحمن العوفي إلى أن الإقبال على الوحدات السكنية المعروضة للتمليك سجَّل تراجعًا في الآونة الأخيرة بينما كان متصاعدًا في السنوات الخمس الماضية وذلك لعدة أسباب منها انخفاض سعر العقار، واضاف: السبب الرئيس للتراجع بحسب ما نشاهده في سوق العقار هو سوء بناء وتصميم بعض الوحدات السكنية وكثرة مشكلاتها الفنية والتي يتحمل المشتري أعباءها في معظم الأحيان. مشيرًا إلى أن هذه المشكلات والأعطال أصبحت أحد العيوب الرئيسة في تلك الوحدات مما يمثل عامل طرد للمشترين. موضحًا أن أسعار الوحدات متفاوتة، منها ما يصل إلى المليون ريال. ومنها ما يعتبر اقتصاديًا مقارنة بتملك أرض ومن ثم بنائها، وهذا هوالسبب الرئيس وراء انتعاش سوق شقق التمليك إلى وقت قريب. وطالب بضرورة إيجاد ضوابط وقوانين لضبط تلك العملية الاستثمارية بما يضمن حقوق جميع الأطراف، وبالأخص المشتري. وأضاف: إن أحد الأسباب التي توقع المستثمر في حرج مع المشتري هو استخدام المستثمر لأدوات أقل تكلفة في عملية البناء، وبالتالي فإن تلك الأدوات ذات التكلفة الأقل ستكون أقل جودة مما سيسهم في تقصير عمر العقار وشيخوخته بشكل أسرع.

تسرب المياه والتشققات في الشهور الأولى

وسرد سالم الحربي لـ»المدينة» تجربته المريرة عندما قرر امتلاك إحدى الشقق المعروضة للتمليك قائلًا: نظرًا لارتفاع أسعار العقار في الفترة الماضية قررت أن أضع جميع ما ادخرته من مال في إحدى شقق التمليك، إلا أن التجربة باءت بالفشل وهذا ما اتضح لي بعد مرور السنة الأولى من تملكي للشقة، وبالرغم من أن سنة واحدة ليست بالفترة الطويلة إلا أنها كانت كافية لإظهار عيوب العديد من تلك الوحدات السكنية وما يتعرَّض له بعض المواطنين من احتيال وتدليس في ظل غياب الجهة الكفيلة بحفظ حقوق المشترين إلى جانب ضمان حق المستثمر بما لا يلحق الضرر بأحد الطرفين.

وأشار إلى أن أول مشكلة واجهته هي تسرب المياه إلى أسقف الشقة وبداية ظهور التشققات في أعمال الجبس، الأمر الذي استغرق إصلاحه ما يقارب الشهر وذلك بسبب تأخر المستثمر في إجراء أعمال الصيانة. وبعد مرور عدة أشهر عاودت المياه مرة أخرى إلى التسرب في الشقة ملحقة الضرر بأعمال الجبس وبأثاث الشقة إضافة إلى ظهور عدد من المشكلات الكهربائية الناتجة عن سوء التمديدات.

مسوّق عقاري: عــدم وجــود أنظمـة واضحـة فتـح المجال للتلاعب

أشار عبدالله المانع، أحد العاملين في مجال الاستثمار والتسويق العقاري، إلى أن عدم وجود أنظمة ولوائح واضحة أتاح التلاعب في تلك الوحدات مما جعل من سوقها أرضًا خصبةً لعمليات التحايل وجني الأرباح بأقل التكاليف، وبالتالي فإن عملية الطلب تصبح في تراجع مما يلحق الضرر بهذا السوق، فيما يدفع كلا الطرفين «المستثمر والمشتري» أو أحدهما الثمن وذلك في حال الإخلال بتلك الشروط المتفق عليها. مشيرًا إلى أن المستثمر كثيرًا ما يقع في بعض المشكلات مع المشتري وذلك في عدة حالات، ففي حال كان العقار عبارة عن شقق فإن غالبية المستثمرين يتوجهون للبحث عن المشتري المناسب كأن يكون من ذوي الدخل المرتفع والثابت وذلك لتجنب تأخر الدفعات المالية، أو من أصحاب الأسر الصغيرة وخصوصًا حديثي الزواج لتجنب الوقوع في المشكلات أو الخلافات بين مُلاك الشقق الآخرين، ولضمان الحفاظ على العقار سليمًا دون حدوث تلفيات. مشيرًا في حديثه إلى أن أسعار تلك الوحدات السكنية بمختلف أنواعها «فيلا أو شقة أو غيرها» لا تخضع لأي معايير واشتراطات وهذا ما يوقع المستثمر والمشتري في حرج، وبالنظر إلى سوق العقار في الوقت الحالي سيجد بعضهم أن أسعار تلك الوحدات باهظ جدًا مقارنة بالمساحة والتصميم وهذا الأمر يجعل المشتري في حيرة من أمره. فبين سكن بالإيجار وآخر بالتمليك سيجد غالبية المشترين أنهم وقعوا في فخ الغلاء وسوء التشطيب، لتبدأ بعد ذلك قضية النزاعات إما بسبب رفض المشتري دفع تلك المبالغ أو تأخيرها أو بسبب إخلال المستثمر بشروط الصيانة والمواصفات، الأمر الذي يتطلب إيجاد جهة مخولة لحل تلك النزاعات والإشراف على تلك المباني وتقنين سعرها وفقًا للمواصفات، كما يؤخذ بعين الاعتبار تكاليف الإنشاء لاسيما في ظل تذبذب سوق العقار.

مهندس: معظم المخالفات في إنشاء الأساسات والأعمدة وإخفاؤها بـ»التلييس»

أشار المهندس صلاح الخميسي خلال جولته مع «المدينة» على عدد من الوحدات السكنية إلى أن ما تمَّ رصده من عيوب في تلك الوحدات هو نتاج استخدام المستثمر لأدوات بناء ذات تكلفة أقل وجودة منخفضة سواء كانت المواد مستخدمة في بناء الأساسات أو أثناء أعمال السباكة أو التمديدات الكهربائية وذلك بهدف توفير أكبر قدر من المال خلال عملية البناء. مؤكدًا على عدم فعالية الدور الرقابي الذي يفترض أن يكون قائمًا أثناء عملية صب الأساسات وتشييد الأعمدة وصب الأسقف كونها أحد أهم الأعمال البنائية، مما يتسبب في ترك ثغرة لأعمال التلاعب في جودة البناء سواء من بعض المستثمرين أو بعض مهندسي المقاولات. مشيرًا إلى أن معظم المخالفات في الأساسات، مستعرضًا بعضًا من تلك المخالفات على أرض الواقع وذلك مرورًا بأعمدة ذات سُمك أقل من المطلوب إضافة إلى بعض الأعمدة التي بُنيت على أساسات أقل مساحة. مشيرًا إلى أنه من المفترض بأن يكون العمود في البناء مكونًا من 18 سيخة وذلك عندما يكون بعرض 30 سم وبطول متر و20 سم، بينما تكمن المخالفة في بناء العمود بواسطة 12 أو11 سيخة وبعرض 20 سم وطول متر واحد أو متر و20سم ويتم إخفاء ذلك عن الأعين باستخدام ألواح الجبس أوالواجهات الحجرية أوبواسطة التلييس مما يتسبب في ضعف تلك الأعمدة وتهالكها وعدم تحملها تعدد الأدوار البنائية إضافة إلى عدم صمودها في وجه العوامل التي تواجه المبنى.

وقال: إن ما يظهر على واجهات تلك المباني من آثار تسرب المياه دليل واضح على أن هذا المبنى لم يُستخدم فيه أي عوازل للمياه أو أن العوازل لم تكن بالجودة المطلوبة إضافة إلى سوء أعمال السباكة كالاعتماد على استخدام مواسير المياه الباردة في جميع التمديدات دون استخدام مواسير المياه الحارة والتي تستخدم غالبًا في توصيل المياه من السخانات.

قانوني: يجب فرض رقابة صارمة على جودة الوحدات السكنية

أكد القانوني سعيد غرم الله الغامدي أن مشكلات الوحدات السكنية «التمليك» متكررة، وقد يعاني منها المشتري أو المتملك في الأشهر الأولى من سكنه، حيث يبدأ بملاحظة التصدعات والتشققات والتي تعتبر من الأمور المخيفة والخطرة والتي تنبئ بعدم صلاحية هذه الوحدة للسكن. ليبدأ المالك بعد ذلك بالتردد على المحاكم والتنقل في أروقتها باحثًا عن حل ينصفه. وطالب بإيجاد جهات وإجراءات رقابية صارمة تهتم بأمر الوحدات السكنية التمليك، مشيرًا إلى أن الضحية هو المتملك، حيث يقوم بدفع الإيجارات والدفعات المالية إلى جانب إصلاحه لعيوب الوحدة السكنية. مؤكدًا على عدم وجود جهة رقابية تحاسب المقاولين، متسائلًا: هل من الطبيعي أن يتم بناء 5 أو6 أدوار في فترة زمنية لا تكاد أن تتجاوز الـ5 أشهر، مشيرًا إلى سوء ضعف قدرات بعض الأيدي العاملة، بحيث إن العديد من العاملين في هذا المجال هم ممن يتعلمون البناء على تلك المباني، أو بالأصح هم من العمالة السائبة ويصعب العثور عليه في حال وجود مشكلة، الأمر الذي يحتِّم أن يكون هنالك خلل وعيوب في تلك المباني مع ضمانهم لعدم وجود من يحاسبهم على تلك الأخطاء. بعكس الأمر إذا كان المقاول من ضمن المقاولين المعتمدين وممن يعملون تحت إدارة مكاتب المقاولات والاستشارات الهندسية.

صيانة شقة جديدة بـ30 ألف ريال

قال سعد الأسمري: إن قيمة ما تم إصلاحه في شقته الجديدة بعد تملكها قد تجاوز الـ30 ألف ريال دُفعت ما بين إعادة تنظيم للتمديدات الكهربائية بالشقة واستبدال عدد من مواسير المياه وتمديداتها داخل الشقة إضافة إلى ما نتج عن تلك الأعمال من تكسير وتلييس وديكور. مشيرًا إلى أن المعضلة التي يعاني منها المشترون هي تسرب المياه إلى شققهم مما يتسبب في إحداث تلفيات مختلفة، مضيفًا: إن الخلافات تنشأ بين المشتري والمستثمر وبعد ظهور عيوب مختلفة في الوحدات وتهرب عدد من المستثمرين من الالتزام بعقود الصيانة ومواعيدها. وقال: بعد تأخر المستثمر في إجراء عملية الصيانة لإحدى التسريبات الموجودة داخل شقتي اضطررت إلى إحضار فني سباكة لإصلاح الأمر، وأوضح الفني أن المواسير المستخدمة داخل الشقة ذات جودة منخفضة وهذا ما تسبب في تكرارالمشكلة.

اللجنة العقارية لا ترد

«المدينة» من جانبها تواصلت مع رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة خالد الغامدي، من خلال الاتصال به عدة مرات ليعتذر سكرتيره بأن رئيس اللجنة في اجتماع وسيتم معاودة الاتصال في وقت لاحق، وكررت «المدينة» الاتصال عدة مرات ولكن لم تكن هنالك إجابة. وتم إرسال الاستفسارات عن طريق «الواتساب» لمعرفة موقف اللجنة من الخلافات القائمة بين الملاك والمستثمرين في هذا الجانب ودورها في وضع حد لمثل هذه المشكلات المتكررة، وما إذا كانت اللجنة قد قامت بمناقشة ما يتعلق بالعيوب الفنية في تلك الوحدات السكنية لوضع حد لها، وما إذا كان هنالك شروط وأنظمة لبناء واستثمار مثل تلك الوحدات، إلا أنه لم يكن هنالك رد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store