يواجه المبتدئون في كل مهنة صعوبات ومشاكل عدّة إلى أن يتمكنوا من إثبات أنفسهم فيها، ومن أبرز المهن التي يواجه خريجوها مصاعب واستناداً على ذلك تم تلقيبها بمهنة المتاعب هي «مهنة المحاماة» وذلك نظراً لكونها تتطلّب الدفاع عن الحقوق التي يصعب الحصول عليها بشكلٍ شخصي، مما يجعل صاحب الحق يضطر الى اللجوء للمحامين بهذا الشأن، وهنا تكمن الصعوبة الفعلية بالنسبة للمبتدئين من الناحية العملية؛ فكيف لهم تحصيل حقوق موكليهم المنتزعة بدون خبرة وتدريب مسبق؟! قد طُرحت العديد من المقالات التي تُناقش معاناة المتدربين بدون الأخذ بعين الاعتبار كيفية تطوير المتدرب لنفسه وصقل معلوماته القانونية، فكيف للمتدربين تطوير مهاراتهم؛ سواء من ناحية مهارات الصياغة القانونية أو تكييف الدعاوى ودراستها بما يؤهله للترافع فيها؟
للأسف الشديد طريقة طرح موضوع الصعوبات التي تواجه المتدربين على أنه مشكلة وأزمة فعلية بدون طرح حلول لها جعل المتدربين يشعرون بأنهم ضحية لاستغلال مكاتب المحاماة وغيرها، مما أفقد البعض حماس محاولة تخطِّي هذه الصعوبات والإثبات للجميع أنهم سيكونون محامين أكفاء في المستقبل القريب. فأحد هذه الحلول فتح المجال أمام الخريجين الجدد للتدرّب واكتساب الخبرات، حيث أنّ للخبرة دوراً كبيراً في توسيع أفكار ومدارك القانوني، فحضور الجلسات له دور في الوقوف على تفاصيل تقديم موضوع الدعوى وطرق المرافعة، وبإمكان كل من يرغب حضور الجلسات القضائية والتعلم منها الكثير. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن للمبتدئين الخوض في مجال الأعمال التطوعية التابعة للجهات المختصة بحقوق الإنسان وحضور الدورات التدريبية المقدّمة من قِبَل ممارسي المهنة وغيرها من الطرق المتوفرة والمتاحة، فجميعها لها دور أساسي في تنمية مهارات الخريجين.
فيجب أن نوقن بأنّ الوصول للنجاح ليس بالأمر السهل ولا يمكن حدوث ذلك في وقتٍ قصير نسبياً، لذلك على الخريجين المثابرة والبحث عن أي فرصة لتطوير أنفسهم، فلكل مجتهد نصيب. كما أنّ كل من يسعى لتحسين ذاته بشكل مستمر، سيجد أمامه العديد من العروض الممتازة لكون بيئة العمل بحاجة للأكفاء وليس لمن يشكلون عبئاً على صاحب العمل؛ وهذه قاعدة عامة عند اختيار أي موظف لوظيفة شاغرة.
أخيراً، أتمنى أن يراعي الخريجون مدى أهمية أن يكونوا على قدر المسؤولية المرتقبة منهم في مهنة المحاماة وبالشكل الذي يساهم في تطويرها والسمو بها نحو الأفضل، وذلك لا يكون إلاّ بالجد وبالمثابرة والسعي في إثبات الذات وترك بصمة في مجال العمل أمام الكم غير القليل من القانونيين والقانونيات.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
