Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

«ربوعية السلام» تقرأ بوعي

A A
مثلما شهدت أواخرُ القرن التاسع عشر الميلادي ولادةَ مدارس شعرية أحدثت نقلة فنية كبيرة في مسار الشعر العربي، وأكسبته اتجاهات جديدة على مستوى التراكيب والأغراض بعد فترة ركود وانحدار، فيمكن القول -مع الفارق في القياس- إن القطاع التهامي الواقع أسفل جبال السروات، الممتد من محافظة رجال ألمع بمنطقة عسير جنوبًا، مرورًا بمحافظات (محايل وبارق والمجاردة) بمنطقة عسير (ومحافظة العُرضيات) بمنطقة مكة وانتهاءً (بمحافظة المخواة) بمنطقة الباحة شمالاً شهد هو أيضًا منذ بدايات القرن الحادي والعشرين الميلادي حراكًا ثقافيًّا بارزًا تمثل في ولادة مؤسسات ثقافية (رسمية وتطوعية) عنيت بالأدب والثقافة والفكر، وعملت على تبني المواهب والتعريف بها، واستقطبت أسماء وقامات أدبية وثقافية أثرت المشهد المحلي، وأحدثت حراكًا ثقافيًّا ملموسًا. ومن أهم تلك المؤسسات التي قامت بهذا الحراك الثقافي (مجلس ألمع الثقافي، ومنتدى العميرة الذي توقف نشاطُهُ، واللجنة الثقافية برجال ألمع واللجنة الثقافية بمحايل واللجنة الثقافية ببارق واللجنة الثقافية بالمجاردة وهذه اللجان تتبع جميعها لأدبي أبها، والمقهى الثقافي ببارق، وربوعية السلام التابعة لثقافية المجاردة، واللجنة الثقافية بالعُرضيات التابعة لأدبي جدة، وأخيرًا وُلدت قبل شهر اللجنة الثقافية بمحافظة المخواة التابعة لأدبي الباحة). وسأتحدث هنا عن (ربوعية السلام) التي تشكلت منتصف عام (١٤٣٦هـ) واتخذت من (قرية ربوع بلادي) التراثية لصاحبها رجل الأعمال المثقف (محمد الغاوي) مقرًّا لفعالياتها. انتهجت الربوعية نهجًا مختلفًا عن أخواتها، فكانت رسالتها تنص على أنها ملتقى ثقافي أدبي تطوعي يهدف إلى الإسهام في نشر ثقافة القراءة بوعي داخل المجتمع من خلال الأمسياتِ، وجلساتِ مناقشةِ الكتبِ، ولقاءاتِ ملخصاتِ الكتبِ. تركيز الربوعية على القراءة الواعية جعلها تتفرد في منهجها ورسالتها عن غيرها، ثم إن طريقة سير الجلسات القرائية كما لمستُها بنفسي من خلال حضوري إحدى جلساتها، ومن خلال ما أكده لي رئيس الربوعية القاص الأستاذ فيصل الشهري تتم في سلوك منظَّم، حيث يتم الإعلان عن الكتاب المقرر قراءته، وبعد فترة تبدأ الجلسة بعرض ملخص الكتاب من قِبل مدير الجلسة الذي يتجدد في كل فعالية، ثم التعريف بالمؤلف، ثم يُفتح المجال للحاضرِين عبر ثلاث جولات: الأولى- يذكر الحاضرون فيها محاسن الكتاب وجمالياته وإضافاته، الثانية- يأتي الحاضرون باقتباسات من الكتاب، الثالثة- يقوم الحاضرون بنقد الكتاب وطرح الأسئلة حول مضامينه، وقد يتواجد المؤلف في الجلسة. ولقد تمت قراءة ونقد العديد من الروايات والكتب في ربوعية السلام، لعل من أهمها: روايات (موسم الهجرة إلى الشمال، والحزام، وساق الغراب) ومن الكتب (ثقافة تويتر، وزنزانة، وحياة في الإدارة). ولعل من أهم الأسماء التي تمت استضافتها على الهاتف (عبدالله الغذامي وأحمد أبو دهمان ووليد الهويريني). ربوعية السلام بهذه الكيفية تعزز قيمة القراءة، وتؤسس للقراءة الناقدة، وتنمي الوعي القرائي، وتعمل على تنمية المجتمع أدبيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، وتعيد للقراءة وهجها وفتنتها. وتبقى ربوعية السلام -مع منظومة أخواتها المؤسسات الثقافية الأخرى- مشاعل ضوء، ومصادر تنوير، ويبقى حراكها الثقافي حراكًا فاعلاً في مسيرة الثقافة المتنامية في القطاع التهامي، يقود هذا الحراك جيل شابٌّ مثقف اشتغل على بث الوعي، ونشر القِيم الثقافية الأصيلة من خلال الأنشطة والفعاليات المتنوعة، ومنها ممارسة فعل (القراءة الواعية) في ربوعية السلام بالمجاردة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store