Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد عمر العامودي

حديث الأربعاء

A A
كنَّا في مناسبة عقد قران، في إحدى صالات الأفراح الكُبرَى نلتفُّ حول مائدة.. مجموعة من زملاء الدِّراسة، جمعتنا المناسبة، القادم من الرياض، والآتي من مكَّة والمدينة، والمقيم في جدَّة. باعدت بيننا ظروف العمل، فلم نلتقِ لسنوات.

* كان الكلُّ سعيدًا بهذا اللقاء.. كان الحديثُ ممتعًا، وحين فتحنا كتاب الذكريات، تسمع قهقهاتنا في أرجاء الصالة، رغم صخب المكان وضجيج الطبول.. أحدنا فقط ممَّن أصيبوا بمرض الجوَّال، لم يكن معنا.. كان غارقًا مع جواله، لم ينبس ببنت شفة.. لم يشارك في الحديث، ولا في متعة اللقاء على مدار السهرة. ولم تكن الطاولات بجوارنا أسعد حظًّا، فقد كان الملتفون حولها في حالة صمت، كأنَّ على رؤوسهم الطير. الكلُّ غارق مع جوَّاله لا يحيط بشيءٍ. ونحن نهمُّ بمغادرة القاعة، قلتُ لذلك الذي استفزَّنا جميعًا، لقد كلَّفت على نفسك بالمجيء.. كان أولى أن تقعد في بيتك، وكأنَّه لم يفهم قصدي، وردَّ بسذاجة.. أتبادل رسائل مع «الجروب». فقلت له: أليس الجروب الحاضر أولى من الجروب الغائب؟ لم يلتفت إلى كلامي، وأخذ يتحدَّث في تباهٍ عن نشاطه اليوميِّ الحافل مع أكثر من جروب، ومتابعة المواقع المختلفة، وأنَّه يحتفظ في جوف جوَّاله بألبوم صور.. قاطعته.. بالتأكيد من إيَّاها، ولم يخب حدسي. وشرع في محاولة ليطلعني على سوء عمله.. على صور ما كنتُ أتصوَّر أنَّها تشغل مثله، لم يكن صديقنا هذا صغيرًا، أو تافهًا، أو سفيهًا.. ولكنَّه لم يكن وحده، المشغول بهذه الرذيلة، لندعُ له ولهم بالشفاء.

* لم أتكلَّم عن ميليشيا المواقع التي تفبرك الأخبار، وتلك التي تحضُّ على الكراهية، وتبادل الاتِّهامات، وتبثُّ الإشاعات، وتلهي ملايين المتابعين، وتستهلك أوقاتهم.. ما هي الطريقة التي تنجو بها من هذا الوباء؟ لا أدري.. ويا لطيف!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store