Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

مأساة الوحدة

A A
حالةُ تباكٍ أحسبُها مصطنعةً من البعضِ على ما آل إليه حالُ نادي الوحدة في مكَّة المكرَّمة -شرَّفها اللهُ- والتي تُنذر بسقوطهِ إلى دوري المظاليم، كما يُقال، أيّ دوري الدرجة الأولى، بعد فرحٍ عارمٍ بعودته إلى الدوري الممتاز مكانه الطبيعيّ.

الحالةُ التي عليها النادي في أيَّامنا هذه، تدعو إلى التعجُّب، وإن كانت بعضُ فصول تلك الحالة واضحةَ الأسبابِ، ولا تحتاجُ إلاَّ إلى جهودٍ صادقةٍ، ومبادراتٍ حقيقيَّةٍ، وليست كما هو عليه الحال من ادعاء التباكي.

نعم.. نادٍ عريقٌ ينتمي لأطهرِ بقعةٍ على وجه الأرض، يستحقُّ البكاءَ، والنحيبَ، وليس التباكي، لكن ما هي الأسباب، والنادي في ذيل قائمة أندية الممتاز، وهبوطه إلى دوري الدرجة الأولى شبه مؤكَّد، هذا ما يجب نقاشه وبكلِّ شفافية.

لاعبو النادي الحاليون هم من خيرة لاعبي المملكة، وكثيرٌ منهم في صفِّ النجوم، وتنقَّل بين أنديةٍ كبيرةٍ أخرى، وتجاربهم عاليةٌ جدًّا، ومع ذلك النتائجُ ليست متوافقةً، وغير متَّسقةٍ مع هكذا واقع. ففريقٌ يمتلكُ مثل هؤلاء اللاعبين، لا خوف عليه من البقاء في الدوري الممتاز، بل إنَّ تحقيقه مراكزَ متقدِّمةً، والمنافسة على البطولات «الدوري، كأسي الملك وولي العهد، والبطولات القاريَّة» أمرٌ طبيعيٌّ، لا كما هو حال الوحدة؟!.

تردِّي حال النادي لم يكن له سبب واحد، بل أسباب عدَّة، وفي مقدِّمتها حالة الادِّعاء الكاذب بمؤازرةِ ومساندةِ النَّادِي مِن مَن يزعمُونَ أنَّ لهم الحقَّ في أن يكونوا في قائمة أبناء مكَّة المكرَّمة، من تجَّارها، ورجالِ الأعمالِ فيها، وممَّن يدَّعون أنَّهم أعضاءُ شرف في النَّادي، وكثيرٌ منهم إنْ دعمَ النَّاديَ فكأنَّما يتصدَّقُ وهو يدري ويدرك أنَّ ما يدفعه للنَّادِي يعودُ عليه بالسُمعةِ والمكانةِ المجتمعيَّةِ الرفيعةِ، والبروز الإعلاميِّ، بمعنى آخر أنَّ هذه مقابل تلك، فلا شيءَ بلا مقابل.

كما أنَّ فشلَ الإدارات التي تتابعت على النَّادي، بعد إدارة عبدالوهاب صبان، باستثناء إدارة علي داؤود سبب مباشر في تردِّي حال النَّادي، فتلك الإدارات كانت عائليَّةً بامتيازٍ، وقد عاصرتُ بعضها، وأنا أرأسُ تحريرَ جريدةِ الندوةِ، ونادي الوحدة يجاورنا الكتف بالكتف، والجدار بالجدار، فحوَّل هؤلاء النَّادي إلى ملكيَّةٍ خاصَّةٍ يديرونَها كما يحلو لهم، ويستبعدُونَ مَن يريدُونَ، ويقرِّبُونَ مَن يريدُونَ، وتركوا النَّادي في أسوأ حالاته. تلك الروحُ العائليَّةُ هي مَن أبعدتْ كثيرًا من المخلصين، والجادِّين في دعم النادي، وانتشاله من مآسيه، مثل: خالد المطرفي، ومساعد الزويهري، وغيرهما كثير.

ولو أرادت هيئةُ الرياضة أن تعالجَ حالة النَّادي، فلابدَّ وأنْ تلتفتَ إلى هذه الإشكاليَّةِ، وتفكِّك كليَّةً خطورةَ الروح العائليَّةِ المسيطرةِ على مفاصل النَّادي، وتبعد المتباكين ومدَّعِي حبّ النَّادي، وتقرِّب المخلصين، وهم كثر، ومن أبناء مكَّة المكرَّمة، كما أنَّ على هيئة الرياضة والفكر الحالي السائد يتجه إلى خصخصة الأندية بإمكانها ومنذ اللحظة إسناد النادي إلى شركة استثماريَّة كبرى، تتولَّى استثمار مرافق النادي، خاصَّة وهو في موقع مميز، وتتولَّى إدارته، وتسيير شؤونه إلى أن تتمَّ عمليَّة الخصخصة، وحينها لكلِّ حادث حديث، أمَّا أنْ يبقى نادٍ عريق وفي مكان أثير جدًّا في مهب الريح، وتحت سطوة ونفوذ ادِّعاءات وزعم ومزايدات، فلا يليق لا بالنادي، ولا بالمكان، ولا بسمعة الرياضة السعوديَّة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store