Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

الانتخابات الفرنسية: الإنصاف عزيز!

ملح وسكر

A A
في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيَّة الفرنسيَّة، ذهبت الأصواتُ إلى اتِّجاهات شتَّى، وبصورة أشبه بالهزل منها إلى الجدِّ. مثلاً كانت نسب التصويت للأربعة الأوائل (قرابة 24%، 21,5%، قرابة 20%، قرابة 20%)، ثم تناقصت للسبعة المتبقين من 6%إلى أقل من 2 في الألف. وعليه ستقتصر الجولة الثانية والأخيرة على الفائزين الاثنين الأوَّلين، وهما إيمانويل ماكرون، والآنسة العنصريَّة مارين لوبان، والاثنان -معًا- لم يحرزا سوى 45 %من الأصوات.

ومع هذا فلا يرى الغربُ انقسامًا في المجتمع الفرنسي، ولا يرون فيه كارثة ستحلُّ بسبب تشتت الأصوات الناخبة، بل اعتبروه من إفرازات اللعبة الانتخابيَّة الديمقراطيَّة، ومرحبًا في نظرهم بالديمقراطيَّة أيًّا كانت النتائج، ومهما كانت العواقب.

وأمَّا فوز «نعم» بنسبة تفوق 51%في تركيا، فدليل انقسام مريع في المجتمع، وله قراءات خطيرة، وعواقب كارثيَّة لا حلَّ لتفاديها إلاَّ إلغاء الاستفتاء جملةً وتفصيلاً. وعندها فقط يعود الوئام إلى المجتمع التركيِّ، ويختفي الانقسام (المزعوم). إنَّه نفاق غربي بامتياز.

وفي كلِّ مرَّة ينتقدون فيها ما يجري في تركيا، يجري في بلدانهم ما هو أشدُّ وأنكى وأدهى. أذكرُ أنَّ العجوز ميركل انتقدت أردوغان؛ لإعلانه حالة الطوارئ عقب الانقلاب الفاشل في يوليو الماضي، فما لبثت أن أعلنت هي نفسها عن حالة طوارئ في ميونيخ؛ بسبب حادثة (إرهابيَّة) -على حد زعمهم- ذهب ضحيَّتها عددٌ لا يتجاوز أصابع اليد، في حين قُتل في تركيا من الأبرياء قرابة 240 شخصًا.

إنَّه غربٌ يخدم مصالحه، ويبرر مهازله، ولا يبالي بانكشاف سوءاته ليل نهار. لكنَّ المصيبة الكُبرَى تكمنُ فيمن يُسمُّون أنفسهم (ليبراليين) عرب، وهم لا يفقهون من الليبرالية سوى لبرلة الجسد، وتعريته للاستمتاع به، وإغراق المجتمع في رذائله الحمراء، ومستنقعاته السوداء.

ودعونا نراهن على نتائج الجولة المقبلة من الانتخابات الفرنسيَّة، التي غالبًا ما سيتمُّ تحديد مصيرها بنسبة بسيطة، قد لا تزيد عن 51%، أو حتَّى 55%. عندها سيبادر الليبراليون العرب إلى الإشادة بها؛ باعتبارها قمَّة الديمقراطيَّة، بل وأمّها وأبوها، وأصلها وفصلها.

ألا شاهت الأقلام، وخرست الألسن، وباءوا بخسران مبين!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store