Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

في ضيافة بيت

No Image

A A
مشاعر الإنسان جزء منه، وعندما تنجرح ينفطر قلبه وتهتز أودية فؤاده، ونتساءل هل ستنتهي عواصف الألم أم ستظل تتقذاف براكينها في جوفه، وكأنها ريح عاتية ونزف لم يضمد ترك مفتوحا تشاكسه أغصان الأمل، التي لم تنضج ليرسمها مفردات غضة فوق كفوف الجرح فعندما يجيش الإحساس بدواخلنا يتمدد في الأشياء، ويأتي جياشا مدنفا كطير ظامئ لرشفة ماء يشربها من خلف سياج عاطفي مرصوف بصبره وهالات صدقة

‹يكتب ليكشف لثامها ويجليها، فثمة معالم تجسدت بلون خاص وتفرد مختلف ‹تحرك الحياة وألوانها وتتمازج مع جروحها لتصارع وتعزف حتى وهي في أوج الوجع وبتقاسيم تتزاحم فيها مرارة المعاناة، يقف عندها الشاعر موقف المصور بعدسة ثاقبة وإحساس متيقظ ويتساءل في حيرة: هل يا ترى سلب الجرح ما كان يشعر به من أماني، وتأتي الإجابة مدوية وهو يشعر بشيء يقع من فضاء خياله›فينصهر بحسه كأمل نراه ولا نلمسه في بناء تصاعدي يختزل تيار جارف من شعور مليء بالبوح ›، ورغم أنه مدرك لوجعه، الذي لا يطفئ جذوته سواه مشحونا بأمل متحرك في ذهنه لا يراه إلا هو ‹إلا أنه يمنح الأمل سلطة الغائب، الذي تسرب ولم يعد يتحمل ويصبر مثله فوقع وهو مدرك أنه سيقع، لكنه متكئ على الشعر وتجلياته، يصارع به الأوجاع ويحاور به النفس وصروف الدهر، فيجعله ينزف حتى النخاع، لكنه نزف لذيذ ومستساغ، فهناك مفارقة بين الجرح وشدته والكتابة وتدفقها، تجتمع في فضاءين متوازيين، يكشفها الشاعر هنا ويتحمل كل المشاق من أجل رسم أطر العلاقة بينهما، وتشتد الحالة وتتشابك، وربما لو ترك الجرح مغلقًا لاستمر معه الأمل، لكنه فضل كشفه وتركه مفتوحًا، ليكتب هذه الفاخرة، وينسجها منفطرة بالشجون، ملتحمة بالمعاني، تسيل متدفقة، وتحملنا لعالم الشاعر المأسور للحظة وجع ولحظة ابتسامة كعاطفة تودع لحظات عشقها في الوقت، الذي تستقبلها فيه، ليأتيها الحرف كالطاحونة يفتش في ثنايا وجعها، ويقتلع حباته من أفنان روحها، ليسلبها السكون، ويغوص معها في قارعة البوح، ينازعها الأمل وكأنه يقف على قدم واحدة، مشبكا سواعده كجسر بينها وبين أوجاعها، متسلقا سلالم الشعر، ليصل بوعيه كاملا، وهو ينفث شعره عبر مداد من نور، كمنفذ أو متنفس يحمله زورق غمام وتنبت مجاديفه في عباب أمل جديد، موظفا خياله في سبحات مهفهفة حصد من انهارها الندى ›، وأجاد على أوتارها الرقص، يطوعها وفق فضاء لا متناه ‹تتسلق فيه الحروف أهداب الجمال وتسمو بها لآفاق يقظة وأمل قادمين، يخطان في جدار القلب بأن الحياة مع الشعر باقية.

* البيت للشاعر/ أحمد الناصر الأحمد

لاجيت أفتش في ثنايا جروحي

كني أحس بشي مثل الأمل طاح (*)

مريم سعود

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store