سلّطتُ الضوء في العديد من المقالات السابقة على عمل المحامين والقانونيين من جوانب عدة ولكن لم أتطرّق إلى الأخلاقيات والآداب التي يجب أن يتحلّى بها المنتسبون إلى هذه المهنة الراقية، فالمحامون والمستشاريون القانونيون يجب أن يتوفر لديهم قدرات ومهارات خاصة بما أنهم يقومون بالدفاع عن كرامة وحقوق الأفراد، إذ يقع على عاتقهم مسؤولية بالغة الأهمية. لذلك، يجب أن تحاط بسياج مهني ينظّم الأخلاقيات والآداب التي يجب أن يتحلى بها القانونيون عامةً.
الدول والمجتمعات تنمو وتتطور بفعل مرجعيتها القيمية والأخلاقية التي تستمد منها وتستند على أصولية منظوماتها الأخلاقية. لذلك، يجب أن يكون لدينا ميثاق لمهنة المحاماة يحدد قواعد وأخلاقيات المهنة وكل ما يتعلق بسلوك المحامي ويجب أن يتقيّد به كل منسوبي المهنة. ومن أهم القواعد التي يُحتم أن يضمها هذا الميثاق ما يجب أن يتحلى به المحامي من أخلاق شخصية والتي تتمثل بالاستقامة، والنزاهة، والاعتدال في موقفه تجاه خصم موكله وكل من يكون طرفاً في الدعوى التي يُرافع بها، واحترام الزمالة فلا ينظر لمحامي خصمه نظرة دونية إذا كان أقل منه خبرة أو أصغر سناً، فيجب أن يكون المحامي قدوة للمتدربين. كما يجب أن يقوم المحامي بمحاولة الإصلاح بين المتخاصمين والتوصل للحلول الودية قبل رفع الدعوى والمضي بإجراءاتها حتى ولو كان ذلك من شأنه أن يقلّص من قيمة أتعابه، فمبدأ المهنة الأخلاقي يقتضي بألا يجعل القانوني من خصمه خصمًا حقيقيًا له ولا يتعامل معه إلا بروح رفيعة كي يحقق الهدف الأساسي من لجوء موكله له وهو حل النزاع الحاصل، وليس تضخيمه لدرجة تجعل من القضية الواحدة يتفرّع منها عدة قضايا لضمان استمرارية العميل لديه!
فمهنة المحاماة مهنة راقية وذلك بسبب سمّو رسالتها وعظم شرفها. بذلك، يجب على كل من يزاولها أن يكون جديرًا بحمل لقب المحامي وأن يكون نبيلاً بأخلاقه، راقيًا في سلوكه. فلابد له أن يُظهر احترامه للناس وتقديرهم في كل أقواله وأفعاله، فهي وحدها التي تعكس وتمثل المهنة التي ينتمي إليها.
أخيراً، أتمنى أن يكون هناك ميثاق مكتوب وواضح عن الآداب والأخلاقيات الواجب توفرها في المحامي نظراً لأهمية الأمر وشائكيته. ويسلم لكل من ينتسب للمهنة وإلزامه بتطبيق ما جاء فيها ومحاسبة كل من خالف قواعدها. كما أنّ هنالك حاجة تستدعي ذلك خاصةً لكون أعداد المنتسبين لسلك المحاماة يتزايد يوماً بعد يوم، فيجب التأسيس بالشكل الصحيح ووضع الضوابط والشروط في الوقت الأمثل لتحقيق نتيجة تضمن الحفاظ على رقي المهنة وممتهنيها.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
