Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد عمر العامودي

حديث الأربعاء

A A
عندما كان الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان يتحدَّث عن اشتغاله بوضع كتاب عن «المسعى»، ظننتُ أنَّه سوف يقتصر على وصف ذلك الشريط الممتد من الصفا إلى المروة؛ لعقدِ مقارنةٍ بين ما كان عليه حال المسعى في مختلف العصور، وما آل إليه الحالُ بعد التوسعة العملاقة، والتغيير الذي شمل منطقة الحرم، والذي استدعى الكثير من الهدم والإزالة.

* لكنِّي وجدتُ نفسي وأنا أقرأُ الكتابَ بعد صدوره، أنِّي أمامَ مشروعٍ كبير.. ومجهودٍ ضخمٍ.. بحثٍ علميٍّ شاملٍ.. دراسة فقهيَّة واجتماعيَّة وحضاريَّة لذلك المشعر، قصد به كما يقول في المقدمة، أن تتعرَّف الأجيالُ الحاضرة التي لم تشهد مكَّة المكرَّمة في ثوبها القديم، ما يتَّصل منها بالمشاعر المقدَّسة وآثارها توثيقًا رسميًّا، حتَّى لا يفقد المكيون ذاكرتهم.

* تناول الكتاب، المسعى: المشعر والسوق.. وقد لا تعرف الأجيال الجديدة أنَّ المسعى كان سوقًا مركزيًّا لكافَّة البضائع.. الدكاكين تحيط به من كل جانب، تباع فيه الحاجيات والأطعمة والمشروبات، وسائر صنوف التجارة.

* وأن ما يثير شجن الأحياء المعاصرين لتلك الفترة، أنَّ الكتاب، وهو ينقل أسماء أصحاب تلك الدكاكين بترتيب مواقعها على الطبيعة، وتنوَّع أغراضها، ينقلك من حالة القراءة إلى حالة تشعر من خلالها وكأنَّك تسير في المسعى بالفعل، والكتاب يُقرأ من عنوانه.. وقد اشتمل على موقف فقهاء الأمَّة الإسلاميَّة من توسعة المشعر خارجيًّا وداخليًّا.. وقد عوَّدنا الدكتور على مثل هذا النوع من الأبحاث الجادَّة المفيدة، منذ بداياته الأولى في التأليف؛ ممَّا خلق إجماعًا حوله.. فلا يُؤتى على ذكر اسمه إلاَّ وتسمع ثناءً عليه، ودعاءً له.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store