Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

السر في السحرة!!

ملح وسكر

A A
كثيرًا ما يتكرر القصص القرآني المعجز، الذي يروي ما جرى بين نبي الله وكليمه موسى عليه السلام وبين فرعون الطاغية المتجبّر، الذي استخف قومه فأطاعوه حتى أوردهم وورد معهم مفارز الهلاك وقاع البحر، ثم ظل جسده محفوظًا ليكون آية لمن يعتبر، وقليل هم المعتبرون.

وسحرة فرعون مثل واضح لقضاء الله حين يجري، وفي الكون يسري! هؤلاء السحرة كانوا عدة فرعون وعدته، وسلاحه وقوته في وجه موسى وهارون عليهما السلام، وهما الأعزلان إلاّ من قوة الله وحفظه.

ولما استدعى فرعون سحرته (الأشداء) ذوي العلم والخبرة والمكانة آنذاك، واستجابوا جميعًا وتقاطروا على مكان المواجهة في الموعد المضروب، وهم يحلمون بنصرٍ عاجل، وأجرٍ جزيل: (قالوا إن لنا لأجر إن كنّا نحن الغالبين)، فأجابهم فرعون بسرورٍ بالغ، (قال نعم، وإنكم لمن المقربين).. هكذا كان تدبير فرعون ووزيره هامان، مكر شديد وتآمر خبيث، وآمال كبيرة، وغرور عجيب.

لكن مكر الله أكبر وكيده أشد، وحبل إمهاله طويل.. بداية سقط قناع السحرة الذين أدركوا أن سحرهم قد بطل، وأن سلاحهم قد عطب، وأن ثمة قوة أكبر من سحرهم، وأن الله لا يصلح عمل الفاسدين، وكان ما كان من معجزات موسى عليه السلام، إذ علت عصا موسى فوق أرتال الباطل، وهتكت أسرار الكيد الفاجر: (فغُلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين، وألقي السحرة ساجدين)!

لم يكابر فريق السحرة، ولم يجحد الآيات البينات، فما كان لسحر في الأرض آنذاك أن يغلب سحرهم ولا يبطل كيدهم إلاّ الحق المبين المؤيد من رب العالمين.

لم يكونوا من ضمن الفريق الفرعوني، الذين (جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوا)، بل عادوا إلى الصواب وأدركوا هداية ربهم، فنجوا من عذاب الآخرة، ولم يفلتوا من عقوبة فرعون في الدنيا إذ صاحوا بصوتٍ واحد: (اقض ما أنت قاض، إنما تقضى هذه الحياة الدنيا...).

تكررت قصة فرعون في كتاب الله، لأنها تتكرر كذلك في واقع الحياة.. لقد رحل فرعون، وما رحل أتباعه عبر التاريخ، وإلى أن يرث الله الأرض، ومن عليها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة