Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

تفكُّكٌ في مجلس التعاون ..؟!

A A
تشير بعض التقارير الإخبارية إلى أن دولة قطر وسلطنة عمان ستنسحبان من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما أن مطالبات ترتفع بين فترة وأخرى على قضايا خلافية بين دول المجلس تطالب بخروج هذه الدولة أو تلك. فهل كل هذا يشي بأن استمرارية المجلس مستحيلة؟ وأن المجلس على وشك التفكك أو التقلص على أقل تقدير بحيث لا يبقى فيه سوى دولٍ ثلاث أو أربعٍ ؟!.

حين اتفق قادة دول المجلس الست، المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، ودولة الإمارات والبحرين ودولة قطر وسلطنة عمان في مدينة أبو ظبي في 21 رجب 1401هـ ،25 مايو 1981م ،على إنشاء مجلس تعاون فيما بينهم نصَّت المادة الرابعة في نظامه الأساس على: «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الست في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني المجلس».

ومنذ ذلك الحين والمجلس يشهد صعوداً وهبوطاً في مستوى تحقيق أهداف هذه المادة ،وواجهته محن ومصاعب كادت تقضي عليه لعل أكثرها خطورة احتلال العراق للكويت على يد صدام حسين في عام 1990م ،لكن الوقفة الصارمة والحازمة للمملكة العربية السعودية حمت ليس فقط المجلس من التشظِّي بل وأعادت أيضاً لدولة الكويت حريتها وسيادتها.

واستمراراً للدور الرائد والأبوي للمملكة فقد طرحت خلال حكم الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله مبادرة تهدف الى توحيد جهود دول المجلس لمواجهة الأخطار السياسية والأمنية وتطوير مجتمعات الخليج في «اتحاد» كامل الأركان بين دول المجلس والانتقال من مرحلة التعاون الى الاتحاد. وتلك المبادرة لو تحققت لحمت الخليج العربي بأكمله من النفوذ والتغوُّل الإيراني الفارسي ولما حدثت أحداث اليمن بمثل الصورة المشاهدة هذه الأيام. غير أن بعض دول المجلس وفي شذوذها عن الإجماع لم تمكّن الفكرة من الحدوث.

الأزمات التي مرت بها دول مجلس التعاون والاختلافات التي وصلت إلى حد خلافات كما هو حادث الآن مع دولة قطر وكما حدث من قبل مع سلطنة عمان تحتِّم المصارحة والشفافية الكاملة، فليس من المعقول أن تشكل إيران بسياساتها القومية الفارسية البغيضة والطائفية المذهبية خطورة بالغة ليس على استمرارية المجلس بل وعلى وحدة كل دولة وسيادتها كما هو في مملكة البحرين وفي احتلال الجزر الإماراتية وفي دعم ومساندة الحوثيين في اليمن حتى إن إيران وبكل وضوح لا تعترف بعربية الخليج ،ومع ذلك تأتي دول من المجلس ،كما هو حال قطر وحديث أميرها الشيخ تميم والتهنئة الرمضانية بينه وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني ،بالمدح والثناء على إيران واعتبارها حليفاً آمناً وقوة إقليمية كبرى تساهم في استقرار وأمن المنطقة وهذا أمر غير مقبول إطلاقاً ويشكل ليس فقط شرخاً في حالة التعاون بين دول المجلس بل وتهديداً لاستمراريته.

اللقاء الذي جمع بين خادم الحرمين الشريفين وقادة المملكة مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي في جدة الجمعة الماضية يشكل صمام أمان أمام التحديات التي تواجه دول المجلس ويفرض إرادته على إعادة حسابات الدول الشاذة للعودة إلى جادة الصواب والاعتراف بأن إجماع دول المجلس قوة للجميع وحماية للمصالح والهوية الذاتية لكل دولة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store